كل ذلك وهم فيه يتأسون ، وهو يتقدمهم حين يعيون ، يقول سلمان غلظت عليّ صخرة في ناحية من الخندق فلما رآني نزل فأخذ المعول من يدي فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة ، ثم ضرب أخرى فلمعت تحته برقة اخرى ، ثم ثالثة فلمعت أخرى قلت بابي وامي يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! ما هذا الذي رأيت لمع المعول وأنت تضرب؟ .. قال : اما الاولى فان الله فتح علي بها اليمن ، واما الثانية فان الله فتح علي بها الشام والمغرب ، واما الثالثة فان الله فتح علي بها المشرق ..»
هذا والخطر الخطير من الأحزاب محدق ، والقرّ شديد مطبق مرهق ، وحذيفة يرتعش بردا والرسول يصلي فإذا به يحن اليه ويلقي اليه طرفا من ثوبه ليدفئة في حنو وهو يناجي ربه ، وبعد ما ينتهي من صلاته يبشره حذيفة بالتي رآها في بريقات كالمعول وعرفها قلبه.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) كهذه التي كانت للذين معه في مثل هذه المعركة الصاخبة ، لا فقط في اغتنام الغنيمة وصلاة الجماعة «تقول في المجالس كيت وكيت فإذا جاء الجهاد فحيدي حياد»! (١) فمن الواجب على كل مؤمن ان تحلّق الأسوة في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على كل أقواله وعقائده وأحواله واعماله ، دونما تخلف عنه ولا قيد شعرة ، في فعله وتركه لزاما ورجاحة أما ذا ، وقد «هم عمر بن الخطاب ان ينهى عن الجرة من صباغ البول فقال له رجل : أليس قد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبسها؟ قال عمر : بلى
__________________
(١) قبسة من مشكاة الامام علي (عليه السلام) في خطبة جهادية.