أترى كان عرض التخيير ، امامهن كلهن فاخترن الله ورسوله؟ ام امام ام سلمة فتبعنها كلهن؟ ام أمام عائشة؟ وقد يروى انها تطلّب منه (صلى الله عليه وآله وسلم) اختصاصها فقال : «ان الله لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا لا تسألني امراة منهن عما اخترت إلا أخبرتها»؟ (١).
انه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أية حال لم يكن ليخرج عن العدل بين نساءه حتى في ذلك العرض دون فرق بين عائشتهن وأم سلمتهن ، اللهم إلّا بفارق التقوى ، دون تقديم لتلك بشبابها وجمالها على هذه امّن هي لتقدمها عمرا او تأخرها جمالا!.
ويا له من عرض عريض بين عليا الحياة معه (صلى الله عليه وآله وسلم) ودنيا الحياة لا معه (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) في بيت الرسالة القدسية ، تغافلا عن اصل الحياة الزاهرة الباهرة في جوّ الوحي ، والتنزيل ، او تذرّعا بها الى الحياة الدنيا وزينتها ، فلا جمع بين الحياتين مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا اختصاصا بالحياة الدنيا ، إلّا ارادة الله ورسوله ، ف ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ..) (١١ : ١٥).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٩٤ ـ اخرج بعدة طرق عن جابر وساق القصة الطويلة الى قوله وانزل الله الخيار فبدأ بعائشة فقال : اني ذاكر لك امرا ما أحب ان تعجلي فيه حتى تستامري أبويك قالت ما هو؟ فتلا عليها الآية قالت عائشة : أفيك استأمر ابوي بل اختار الله ورسوله فأسألك ان لا تذكر الى امراة من نسائك ما اخترت فقال : ان الله ..
وفي نقل آخر فاكتم علي ولا حجز بذلك نساءك قال (صلى الله عليه وآله وسلم) بل اخبرهن به فأخبرهن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميعا فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فكان خياره بين الدنيا والآخرة أتخترن الآخرة او الدنيا ...