الثلاث ، وعين الله ترعاها ، وهل للعلماء مع كشوفهم العلمية المتقدمة وجهودهم المتواصلة واحدة من هذه المراحل في الأضواء ، فضلا عن السبع وفي ظلمات ثلاث.
وإنها رحلة قصيرة الزمن بعيدة الآماد ، غريبة الأبعاد في مختلف التطورات لخليّة هزيلة في تلك الظلمات إلى إنسان كامل الأعضاء! وهو محجوب في ظلمات ثلاث : ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة ، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة فإنه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات فلا يزال ذلك غذائه حتى إذا كمل خلقه ، واستحكم بدنه ، وقوى أديمه على مباشرة الهواء ، وبصره على ملاقاة الضياء ، هاج هذا الطّلق ـ بأمه فأزعجه أشد إزعاج ـ ذا عنفة حتى يولد!
سبحان الخلاق العظيم! ـ
رب إنك «ابتدعت خلقي من مني يمنى ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم ، لم تشهر بخلقي ولم تجعل الي شيئا من أمري ثم أخرجتني الى الدنيا تاما سويا» (١) ف (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)؟ أفتعبدون ما لا يضركم ولا ينفعكم ولا يخلق شيئا؟ «أم هذا الذي انشأه في ظلمات الأرحام وشغف الأستار نطفة دهاقا وعلقة محاقا وجنينا وراضعا ووليدا ويافعا» (٢)!
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما
__________________
(١) من دعاء الامام الحسين (عليه السلام) يوم عرفه : وابتدعت خلقي ...
(٢) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام).