ثم العلماء الذين يذبون عن ساحة الدين بحجج الله التي علّمهم إياها هم من الذين يعلمون (١) والذين لا يذبون بل ويذبلون ويترذلون هم من الذين لا يعلمون (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)!
واولوا الألباب هم اولوا العقول الناضجة وعلى حد المروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما قسم الله لعباده شيئا أفضل من العقل فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وإفطار العاقل أفضل من صوم الجاهل وإقامة العاقل خير من شخوص الجاهل ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته ، وما يضمر النبي في نفسه أفضل من اجتهاد جميع المجتهدين وما أدى العقل فرائض الله حتى عقل منه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل من عقلائهم ، هم أولوا الألباب الذين قال عزّ وجل : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ).
__________________
(١) المصدر ح ٢٢ في كتاب الاحتجاج للطبرسي وروى عن الحسن العسكري (عليه السلام) انه اتصل بابي الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) ان رجلا من فقهاء الشيعة كلم بعض النصاب فأفحمه بحجته حتى ابان عن فضيحته فدخل على علي ابن محمد (عليه السلام) وفي صدر المجلس دست عظيم منصوب وهو قاعد خارج الدست وبحضرته خلق من العلويين وبني هاشم فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست واقبل عليه فاشتد ذلك على أولئك الاشراف فاما العلويون فأجلوه عن العتاب واما الهاشميون فقال له شيخهم يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هكذا أتؤثر عاميا على سادات بني هاشم من الطالبيين والعباسيين؟ فقال(عليه السلام) إياكم وان تكونوا من الذين قال الله تبارك وتعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) أترضون بكتاب الله حكما؟ قالوا : بلى قال : أو ليس قال الله عز وجل (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله إن كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها لأفضل له من كل شرف في النسب ....