(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٤٤).
اتخذوا من دونه آلهة (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ) يشفعون لهم عند الله إذ يقولون : «هؤلاء شفعاءنا عند الله»؟ «قل أ» تتخذونهم شفعاء (وَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) لأنفسهم فضلا عمن سواهم (وَلا يَعْقِلُونَ) فكيف ـ إذا ـ يملكون؟
ثم وليس كل من يملك شيئا ويعقل هو يملك الشفاعة عند الله ، فإن (لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) في شرعة وتكوين ، و (لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٦).
فهو الذي يملّك الشفاعة من يملكها على شروطها التي هو قرّرها لا سواه ، فكيف ترجون الشفاعة ممن ليس يملك شيئا ولا يعقلون ، وحتى إذا ملكوا وعقلوا و (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٦) (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٢٨)!
فإنما الشفاعة في ملك الله وعباده لمن يملك السماوات والأرض ثم إليه يرجعون ، وليس إلّا الله وحده لا سواه ، ف (لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) من ايّ كان ، لأنه المبدء المبدع وإليه المعاد ، فكيف يحق لأحد أن يشفع في ملكه وعنده إلّا بإذنه (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢ : ٢٥٥)؟.
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)(٤٥).
كلّ من الاشمئزاز والاستبشار غاية في بابه ، : امتلاء القلب غما تظهر آثاره في الوجه مغبرا ، وامتلاءه سرورا تظهر آثاره في الوجه متهلّلا!