في النفوس ويتدسس ضعاف النفوس ، ليحملهم إلى التشكك في صدق الوعد أو التكذيب بصادق الوعد.
ولكن المناسبة بين الحكم والموضوع تقضي أن النصرة هنا تدور حول موضوع الرسالة والإيمان ، وهما أمران معنويان ، والناس يقيسون بظواهر الأمور ، وفي فترة قصيرة من الزمان وحيّزة محدودة من المكان ، ولكن فسيح الزمان ووسيع المكان بما فيهما زمن دولة القائم المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يجعل الإنتصار في المجموعة ل (رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في السلطة الزمنية إلى السلطة الروحية (١) مهما اختصت قبل ذلك الزمن بالأخيرة.
ولو نظرنا إلى بعدي الرسالة والإيمان معها وبها ، لرأيناهما تنتصران دون ريب ، فأول ما تتطلبه منهم الرسالة ويطلبه صارم الإيمان أن يفنوا في سبيل تحقيقها حتى يبرزوها بصورة أسمى وأقوى ، ولكي يعلم الناكرون أنها أثمن عند أصحابها من كل قيم الحياة ، فإنها كلها زهيدة ضئيلة أمام قضية الرسالة والإيمان!
إبراهيم يلقى في النار ليلقي العقيدة ويلغيها ، ولكنه لا يرجع عنها إلّا في هزيمة قصيرة وانتصار كبير (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) فحتى لو أنه احترق كما الكثرة الكثيرة من حملة الرسالات قتلوا في هذه السبيل ، فالمنتصر في سبيلها هو أصحابها ، حيث لا يقتل إلّا الرسل دون الرسالات ، وهي تزدهر وتنمو بهذه التضحيات.
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٢٦ القمي باسناده عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا ...) قال : ذلك والله في الرجعة اما علمت ان أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقتلوا وأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا وذلك في الرجعة أقول : يعني مجموع النصرين وهو تفسير بأكمل المصاديق ، والا فالنصر الروحي حاصل لهم على طول الزمن.