الآيات على الله دون إبقاء لأيّة ريبة إلّا يقينا لا شك فيه ، فكيف يجادلون فيها و (أَنَّى يُصْرَفُونَ) حيث يصرفهم الشيطان وتصرفهم أهواءهم ، وما هو إلّا كبر به ينصرفون (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ) ـ (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ)؟!.
فالصرف من الحق إلى الباطل قد يكون قصورا من المصروفين ببلة أو جنون ، أم تقصيرا يضرب إلى قصور ، كأن يصوّر لهم الحق باطلا والباطل حقا وهم غافلون ، وثالثة عن بالغ التقصير كمن يجادل في آيات الله دون ايّ سلطان إلّا لتصديقه ف (أَنَّى يُصْرَفُونَ).
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٧٠).
وعلّ الكتاب هنا جنس الكتاب السماوي وكما تلمح إليه «رسلنا» دون «رسولنا» أم هو القرآن لأنه ـ في الحق ـ هو الكتب كلها كما أن رسوله الرسل كلهم ، ثم التكذيب بكتاب ورسول واحد تكذيب للكتب والرسل كلهم ، حيث المصدر واحد.
هم أولاء الحماقى وإن كانوا هنا لا يعلمون عن تعنّت وتقصير ، ولكنهم (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) هناك علم اليقين وعين اليقين :
(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) (٧٢).
و «الأغلال» هناك هي هي الأغلال هنا حيث ظهرت بسيرتها في الأخرى ، فأغلال العبودية للطواغيت ، وأغلال الشهوات والحيوانات والإنيّات ، هي هي التي تظهر بحقائقها يوم يقوم الأشهاد ، وكل يحمل غلّه معه كما يحمل عداءه وغلّه ف (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا