ستة أجزاء ؛ وهو أهم مرجع جغرافى يتجه إليه البحاثة إلى أيامنا هذه ونموذج لما يجب أن يكون عليه أدب النقل (Compilation) فى أدق معانيه. وفى ذات الوقت على وجه التقريب وذلك فى سنة ١٨٧٠ بدأ العلامة الهولندى دى خويه De Goeje تنفيذ فكرته بنشر سلسلة «مكتبة الجغرافيين العرب» Bibliotheca Geographorum Arabicorum التى اكتمل عقدها بظهور الجزء الثامن فى عام ١٨٩٤ ، وهى تتكون من تسع مجلدات كانت بالنسبة لعصرها أنموذجا للنشر العلمى ، وتضم فى صفحاتها مصنفات مؤلفى عهد ازدهار الأدب الجغرافى العربى فى القرنين التاسع والعاشر (٣٥). هذا المجهود الذى قام به قستنفلد ودى خويه لم يستنفد بالطبع الذخيرة الأساسية للمصنفات الجغرافية العربية ولكنه كفل للدارسين إمكانية الدراسة المنهجية المنظمة للآثار الأخرى التى لم تكن قد نشرت بعد ، وقدم مادة ضخمة لمختلف الأبحاث الجغرافية. وفى القرنين التاسع عشر والعشرين ظهر أسلوب جديد فى دراسة المادة الجغرافية العربية يهتم بجمع المادة المتعلقة بكل قطر ودراستها دراسة نقدية. وبعض هذه الدراسات تجاوز أحيانا نطاق جزء واحد (مثل مؤلف أمارى Amari عن صقلية ومدنيكوف Mednikov عن فلسطين وزايبل Seippel عن النورمان وفيران Ferrand عن الشرق الأقصى الخ). أما الحديث عن الدراسات الضخمة والمؤلفات الكبرى التى ظهرت فى نصف القرن الأخير ، بل فى العشرة أعوام الأخيرة ، فيمكن أن يكون موضوع دراسة خاصة قائمة بذاتها. وفى متناول أيدينا الآن ترجمات علمية مثالية ودراسات عن المؤلفين المختلفين أو لقطع من مصنفاتهم ، مثل أبحاث توليوTuulio عن الإدريسى (١٩٣٠) أو مينورسكى Minorsky عن النص الفارسى المجهول المؤلف (١٩٢٧). وفى متناول أيدينا كذلك دراسات جدية لمختلف الموضوعات مثل أبحاث مجيك Mzik عن دور بطلميوس فى الجغرافيا العربية (١٩١٥) أو هو نغمان Honigmann عن نظرية الأقاليم السبعة (١٩٢٩). وقد اتسع المجال بشكل خاص للأبحاث فى تاريخ الحضارة المرتكزة أساسا على مادة جغرافية ، مثال ذلك مجموعة من الدراسات التحليلية الدقيقة لياكوب Jacob (١٨٨٦ وما بعدها). كما وجدت قاعدة رصينة لدراسة تاريخ الكارتوغرافيا العربية منذ مؤلفات ليليول Lelewel (١٨٥٠ وما بعدها) ، ولم تلبث هذه الدراسة أن اكتملت وشملت جميع المادة التى أمكن العثور عليها وذلك فى الطبعات الكبرى لميلرK.Miller (١٩٢٦ وما بعدها) ويوسف كمال (١٩٣٠ وما بعدها). هذا وقد تابعت الدراسة سيرها قدما فأصبحت المناهج أكثر دقة وارتفع المستوى المطلوب. وفى الآونة الحاضرة اشتدت الحاجة إلى إعادة طبع بعض أجزاء «مكتبة الجغرافيين العرب» مع الاستفادة من المادة التى تجمعت منذ ظهور الطبعة الأولى والعمل أيضا على استيفاء المطالب العلمية المعاصرة.
هذه المادة الغنية الحافلة فى مصادرها وفى الأبحاث التى كتبت فيها ، والتى تجمعت خلال نصف