De Geographiae Origine, Progresssu ac dulcedine ، كما عرفه كوهلرKoehler الذى نشر الجزء الخاص بالشام من جغرافيا ابن الوردى (١) (١٧٧٦) (٤). بيد أن الاهتمام بمؤلف ياقوت قد انبعث فى القرن التاسع عشر فقط عندما تسربت مخطوطاته إلى أوروبا بالتدريج ؛ ويرجع الفضل فى هذا قبل كل شىء إلى اثنين من علماء الشمال هما راسموسن Rasmussen (١٨١٤) وفرين Fra؟hn (١٨٢٣) اللذان كانا أول من نقل عن المعجم القطعة المشهورة لابن فضلان ؛ وكان فرين بالذات هو أول من كتب عن شخص ياقوت وعرف به ، وقد احتفظ بحثه كما أثبت روزن بقيمته إلى أوائل القرن العشرين. ومن قبل روزن حاول باربييه دى مينارBarbier de Meynard أن يبخس من تقييم فرين (٥) لشخصية ياقوت العلمية ولكن الخطوات التى تمت بالتالى فى دراسة الموضوع أثبتت خطل رأيه ، ولعله يمكن توضيح موقفه التشككى بأن المتن الكامل للمعجم لم ير النور إلا فى عام ١٨٦٠. وقد وكدت الأيام صدق رأى فرين ، بل ورأى سنكوفسكى أيضا ؛ والأخير عندما نشر ترجمته (٦) لرواية ياقوت عن تفليس (١٨٣٨) (٧) وصفه بأنه «كاتب مدقق مجتهد ندين له بحفظ آثار قيمة فى تاريخ وجغرافيا العصور الوسطى (٨) .... وهو قد أبدى الكثير من الغيرة والحماس فى دراسة الأوضاع الجغرافية والاثنوغرافية والسياسية لعصره (٩)». أما عملية نشر المصنف بأجمعه فى عهد فرين فقد كانت أمرا بعيد المنال إذ حال دون ذلك ليس فقط العيوب الموجودة بالمخطوطات الثلاث المعروفة آنذاك (كوبنهاغن وبطرسبرغ وأوكسفورد) بل أيضا الحجم الضخم للكتاب. ومرت فترة نصف قرن تقريبا قبل أن يفكر أحد فى تنفيذ ذلك المشروع ، ولكن تم فى خلالها فحص مخطوطات أخرى للكتاب (باريس وبرلين ولندن) (١٠) وطبع مصنفين آخرين لياقوت أقلا حجما من المعجم. وفى الواقع أن طبع أحد هذين المصنفين الصغيرين ، الذى كانت الفكرة الأساسية من تأليفه أن يكون بمثابة مدخل للمعجم الكبير ، كان أشبه بالقوة الدافعة التى ساقت إلى التفكير فى طبع المعجم نفسه (١١).
وكان طبع المعجم فى ستة أجزاء فى الفترة بين عامى ١٨٦٦ و ١٨٧٣ إحدى الخدمات الجليلة ، بل وربما كانت أجلها ، التى طوق بها فرديناند فستنفلد عنق الاستعراب العالمى. وهذه الطبعة وإن وقفت على مستو عال بالنسبة لحاجة العصر إلا أنها لا تستوفى تماما المطالب العلمية لعصرنا بالنسبة لما يجب أن يكون عليه نشر النصوص وتحقيقها ، ورغما عن هذا فإنه لا يبخس من قيمتها تلك الاعتبارات والفروض التى أعرب عنها فليشرFleischer ، أبرع ناقد للنصوص فى وقته ، والتى ظهرت فى الجزء الخامس للمعجم ؛ كذلك لا تخلو من أهمية كبيرة فى هذا الصدد الفهارس المختلفة التى أفرد لها الجزء السادس. ولم ينكص فستنفلد أمام الجهد الهائل الذى تطلبه أحيانا تحقيق أسماء الشخصيات التاريخية التى ذكرها ياقوت ، مما استدعى منه الرجوع إلى عدد هائل من المصادر الأدبية. ولا تزال هذه الطبعة إلى الآن من أهم المراجع
__________________
(*) كان سهوا غير مقصود من المؤلف (Lapsus Calami) حين وضع اسم أبى الفدا بدلا من اسم ابن الوردى. (المترجم)