حديث أُم حكيم المزعوم :
بعد هذه المقدمة لا بدّ من خوض غمار حديث ولادة حكيم في الكعبة ، هذه المزعمة الزائفة ، والرواية المجعولة ، وإخضاعها لشيء من البحث والتحقيق والتمحيص لكشف زيفها وبيان وضعها ، إد فيها الكثير ممّا يوجب الشكّ والريب في سلامتها وصحّتها ، وبراءة ساحة رواتها.
وأوّل من نُسبت إليه وحكيت عنه ، وأقدمهم :
هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، النسّابة المعروف ، صاحب التآليف التي نيّفت على مائة والخمسين ، والمتوفّى سنة أربع أو ستّ ومائتين ، وقيل : الأول أصحّ.
والكلبي ممّن تكالب بعض علماء الجرح والتعديل من العامّة على تضعيفه وترك ما رواه ، وعد الاحتجاج به.
قال الدار قطني وغيره : متروك الحديث (١).
وقال يحيى بن معين : غير ثقة (٢).
وقال السمعاني : «يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها ... أخباره في الاُغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها» (٣).
وهذه الاتهامات ضدّ الكلبي ليس لها وزن عندنا ، لأنّها ناشئة عن تعصّب طائفي ، ومنقوضة بما يخالفها من آراء حسنة في الرجل تدلُّ على خبرته وأمانته.
__________________
(١ و ٢) سىر أعلام النبلاء ١٠ : ١٠١ ، ولسان الميزان ٦ : ١٩٦.
(٣) الأنساب ٥ : ٨٦.