والعدد منهم في الربع والثمن. (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ) أي الميت. (يُورَثُ) أي يورث منه من ورث صفة رجل. (كَلالَةً) خبر كان أو يورث خبره ، وكلالة حال من الضمير فيه وهو من لم يخلف ولدا ولا والدا. أو مفعول له والمراد بها قرابة ليست من جهة الوالد والولد. ويجوز أن يكون الرجل الوارث ويورث من أورث ، وكلالة من ليس له بوالد ولا ولد. وقرئ (يُورَثُ) على البناء للفاعل فالرجل الميت وكلالة تحتمل المعاني الثلاثة وعلى الأول خبر أو حال ، وعلى الثاني مفعول له ، وعلى الثالث مفعول به ، وهي في الأصل مصدر بمعنى الكلال قال الأعشى :
فآليت لا أرثي لها من كلالة |
|
ولا من حفا حتى ألاقي محمّدا |
فاستعيرت لقرابة ليست بالبعضية ، لأنها كالة بالإضافة إليها ، ثم وصف بها المورث والوارث بمعنى ذي كلالة كقولك فلان من قرابتي. (أَوِ امْرَأَةٌ) عطف على رجل. (وَلَهُ) أي وللرجل ، واكتفي بحكمه عن حكم المرأة لدلالة العطف على تشاركهما فيه. (أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) أي من الأم ، ويدل عليه قراءة أبي وسعد بن مالك «وله أخ أو أخت من الأم» ، وأنه ذكر في آخر السورة أن للأختين الثلثين وللأخوة الكل ، وهو لا يليق بأولاد الأم وأن ما قدر هاهنا فرض الأم فيناسب أن يكون لأولادها. (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) سوى بين الذكر والأنثى في القسمة لأن الإدلاء بمحض الأنوثة ، ومفهوم الآية أنهم لا يرثون ذلك مع الأم والجدة كما لا يرثون مع البنت وبنت الابن فخص فيه بالإجماع. (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) أي غير مضار لورثته بالزيادة على الثلث ، أو قصد المضارة بالوصية دون القربة والإقرار بدين لا يلزمه ، وهو حال من فاعل يوصى المذكور في هذه القراءة والمدلول عليه بقوله يوصى على البناء للمفعول في قراءة ابن كثير وابن عامر وابن عياش عن عاصم. (وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد أو منصوب بغير مضار على المفعول به ، ويؤيده أنه قرئ «غير مضار وصية» بالإضافة أي لا يضار وصية من الله ، وهو الثلث فما دونه بالزيادة ، أو وصية منه بالأولاد بالإسراف في الوصية والإقرار الكاذب. (وَاللهُ عَلِيمٌ) بالمضار وغيره. (حَلِيمٌ) لا يعاجل بعقوبته.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ)(١٤)
(تِلْكَ) إشارة إلى الأحكام التي قدمت في أمر اليتامى والوصايا والمواريث. (حُدُودُ اللهِ) شرائعه التي هي كالحدود المحدودة التي لا يجوز مجاوزتها. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) توحيد الضمير في يدخله ، وجمع (خالِدِينَ) للفظ والمعنى. وقرأ نافع وابن عامر ندخله بالنون و (خالِدِينَ) حال مقدرة كقولك : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ، وكذلك خالدا وليستا صفتين لجنات ونارا وإلا لوجب إبراز الضمير لأنهما جريا على غير من هما له.
(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)(١٥)
(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) أي يفعلنها ، يقال : أتى الفاحشة وجاءها وغشيها ورهقها إذا فعلها ،