عِنْدَكَ) بعهده عندك من النبوة ، أو من أن يستجيب دعوتك ، أو أن يكشف العذاب عمن اهتدى ، أو (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) فوفيت به وهو الإيمان والطاعة. (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ).
(فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) فاجؤوا نكث عهدهم بالاهتداء.
(وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)(٥٢)
(وَنادى فِرْعَوْنُ) بنفسه أو بمناديه. (فِي قَوْمِهِ) في مجمعهم أو فيما بينهم بعد كشف العذاب عنهم مخافة أن يؤمن بعضهم. (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ) أنهار النيل ومعظمها أربعة أنهر : نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر تنيس. (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) تحت قصري أو أمري ، أو بين يدي في جناني والواو إما عاطفة لهذه (الْأَنْهارُ) على الملك و (تَجْرِي) حال منها. أو واو حال وهذه مبتدأ و (الْأَنْهارُ) صفتها و (تَجْرِي) خبرها. (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ذلك.
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ) مع هذه المملكة والبسطة. (مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) ضعيف حقير لا يستعد للرئاسة ، من المهانة وهي القلة. (وَلا يَكادُ يُبِينُ) الكلام لما به من الرتة فكيف يصلح للرسالة ، و (أَمْ) إما منقطعة والهمزة فيها للتقرير إذ قدم من أسباب فضله ، أو متصلة على إقامة المسبب مقام السبب. والمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه.
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)(٥٤)
فلو لا ألقي عليه أساورة من ذهب أي فهلا ألقي عليه مقاليد الملك إن كان صادقا ، إذ كانوا إذا سودوا رجلا سوروه وطوقوه بسوار وطوق من ذهب ، وأساورة جمع إسوار بمعنى السوار على تعويض التاء من ياء أساوير. وقد قرئ به وقرأ يعقوب وحفص (أَسْوِرَةٌ) وهي جمع سوار. وقرئ «أساور» جمع «أسورة» و «ألقى عليه أسورة» و «أساور» على البناء للفاعل وهو الله تعالى. (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) مقرونين يعينونه أو يصدقونه من قرنته به فاقترن ، أو متقارنين من اقترن بمعنى تقارن.
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) فطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم. (فَأَطاعُوهُ) فيما أمرهم به (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) فلذلك أطاعوا ذلك الفاسق.
(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٥٦)
(فَلَمَّا آسَفُونا) أغضبونا بالإفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه. (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) في اليم.
(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) قدوة لمن بعدهم من الكفار يقتدون به في استحقاق مثل عقابهم ، مصدر نعت به أو جمع سالف كخدم وخادم ، وقرأ حمزة والكسائي بضم السين واللام جمع سليف كرغف ورغيف ، أو سالف كصبر جمع صابر أو سلف كخشب. وقرئ «سلفا» بإبدال ضمة اللام فتحة أو على أنه جمع سلفة أي ثلة قد سلفت. (وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) وعظة لهم أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم فيقال : مثلكم مثل قوم فرعون.
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما