أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(١٠٨)
____________________________________
وَلا نَصِيرٍ) معطوف على الجملة الواقعة خبرا لأن داخل معها تحت تعلق العلم المقرر وفيه إشارة إلى تناول الخطابين السابقين للأمة أيضا وإنما إفراده عليهالسلام بهما لما أن علومهم مستندة إلى علمه عليهالسلام ووضع الاسم الجليل موضع الضمير الراجع إلى اسم أن لتربية المهابة والإيذان بمقارنة الولاية والنصرة للقوة والعزة والمراد به الاستشهاد بما تعلق به من العلم على تعلق إرادته تعالى بما ذكر من الإتيان بما هو خير من المنسوخ أو بمثله فإن مجرد قدرته تعالى على ذلك لا يستدعى حصوله البتة وإنما الذى يستدعيه كونه تعالى مع ذلك وليا ونصيرا لهم فمن علم أنه تعالى وليه ونصيره على الاستقلال يعلم قطعا أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له فيفوض أمره إليه تعالى ولا يخطر بباله ريبة فى أمر النسخ وغيره أصلا والفرق بين الولى والنصير أن الولى قد يضعف عن النصرة والنصير قد يكون أجنبيا من المنصور وما إما تميمية لا عمل لها ولكم خبر مقدم ومن ولى مبتدأ مؤخر زيدت فيه كلمة من للاستغراق وإما حجازية ولكم خبرها المنصوب عند من يجيز تقديمه واسمها من ولى ومن مزيدة لما ذكر ومن دون الله فى حيز النصب على الحالية من اسمها لأنه فى الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا ومعناه سوى الله والمعنى أن قضية العلم بما ذكر من الأمور الثلاثة هو الجزم والإيقان بأنه تعالى لا يفعل بهم فى أمر من أمور دينهم أو دنياهم إلا ما هو خير لهم والعمل بموجبه من الثقة به والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه من غير إصغاء إلى أقاويل الكفرة وتشكيكاتهم التى من جملتها ما قالوا فى أمر النسخ وقوله تعالى (أَمْ تُرِيدُونَ) تجريد للخطاب عن النبى صلىاللهعليهوسلم وتخصيص له بالمؤمنين وأم منقطعة ومعنى بل فيها الإضراب والانتقال من حملهم على العمل بموجب علمهم بما ذكر عند ظهور بعض مخايل المساهلة منهم فى ذلك وأمارات التأثر من أقاويل الكفرة إلى التحذير من ذلك ومعنى الهمزة إنكار وقوع الإرادة منهم واستبعاده لما أن قضية الإيمان وازعة عنها وتوجيه الإنكار إلى الإرادة دون متعلقها للمبالغة فى إنكاره واستبعاده ببيان أنه مما لا يصدر عن العاقل إرادته فضلا عن صدور نفسه والمعنى بل أتريدون (أَنْ تَسْئَلُوا) وأنتم مؤمنون (رَسُولَكُمْ) وهو فى تلك الرتبة من علو الشأن وتقترحوا عليه ما تشتهون غير واثقين فى أموركم بفضل الله تعالى حسبما يوجبه قضية علمكم بشئونه سبحانه قيل لعلهم كانوا يطلبون منه عليه الصلاة والسلام بيان تفاصيل الحكم الداعية إلى النسخ وقيل سأله عليهالسلام قوم من المسلمين أن يجعل لهم ذات أنواط كما كانت للمشركين وهى شجرة كانوا يعبدونها ويعلقون عليها المأكول والمشروب وقوله تعالى (كَما سُئِلَ مُوسى) مصدر تشبيهى أى نعت لمصدر مؤكد محذوف وما مصدرية أى سؤالا مشبها بسؤال موسى عليهالسلام حيث قيل له اجعل لنا إلها وأرنا الله جهرة وغير ذلك ومقتضى الظاهر أن يقال كما سألوا موسى لأن المشبه هو المصدر من المبنى للفاعل أعنى سائليه المخاطبين لا من المبنى للمفعول أعنى مسئولية