على (إِذِ ابْتَلى) على أن العامل فيه هو العامل فيه أو مضمر مستقل معطوف على المضمر الأول والجعل إما بمعنى التصيير فقوله عزوجل (مَثابَةً) أى مرجعا يثوب إليه الزوار بعد ما تفرقوا عنه أو أمثالهم أو موضع ثواب يثابون بحجه واعتماره مفعوله الثانى وإما بمعنى الإبداع فهو حال من مفعوله واللام فى قوله تعالى (لِلنَّاسِ) متعلقة بمحذوف وقع صفة لمثابة أى مثابة كائنة للناس أو بجعلنا أى جعلناه لأجل الناس وقرىء مثابات باعتبار تعدد الثائبين (وَأَمْناً) أى آمنا كما فى قوله تعالى (حَرَماً آمِناً) على إيقاع المصدر موقع اسم الفاعل للمبالغة أو على تقدير المضاف أى ذا أمن أو على الإسناد المجازى أى آمنا من حجه من عذاب الآخرة من حيث إن الحج يجب ما قبله أو من دخله من التعرض له بالعقوبة وإن كان جانيا حتى يخرج على ما هو رأى أبى حنفية ويجوز أن يعتبر الأمن بالقياس إلى كل شىء كائنا ما كان ويدخل فيه أمن الناس دخولا أوليا وقد اعتيد فيه أمن الصيد حتى أن الكلب كان يهم بالصيد خارج الحرم فيفر منه وهو يتبعه فإذا دخل الصيد الحرم لم يتبعه الكلب (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) على إرادة قول هو عطف على جعلنا أو حال من فاعله أى وقلنا أو قائلين لهم اتخذوا الخ وقيل هو بنفسه معطوف على الأمر الذى يتضمنه قوله عزوجل (مَثابَةً لِلنَّاسِ) كأنه قيل ثوبوا إليه واتخذوا الخ وقيل على المضمر العامل فى إذو قيل هى جملة مستأنفة والخطاب على الوجوه الأخيرة له عليهالسلام ولأمته والأول هو الأليق بجزالة النظم الكريم والأمر صريحا كان أو مفهوما من الحكاية للاستحباب ومن تبعيضية والمقام اسم مكان وهو الحجر الذى عليه أثر قدمه عليهالسلام والموضع الذى كان عليه حين قام ودعا الناس إلى الحج أو حين رفع قواعد البيت وهو موضعه اليوم والمراد بالمصلى إما موضع الصلاة أو موضع الدعاء روى أنه صلىاللهعليهوسلم أخذ بيد عمر رضى الله عنه فقال هذا مقام إبراهيم فقال عمر رضى الله عنه أفلا نتخذه مصلى فقال لم أومر بذلك فلم تغب الشمس حتى نزلت وقيل المراد به الأمر بركعتى الطواف لما روى جابر رضى الله عنه أنه عليهالسلام لما فرغ من طوافه عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وللشافعى فى وجوبهما قولان وقيل مقام إبراهيم الحرم كله وقيل مواقف الحج عرفة والمزدلفة والجمار واتخاذها مصلى أن يدعى فيها ويتقرب إلى الله تعالى وقرىء واتخذوا على صيغة الماضى عطفا على جعلنا أى واتخذ الناس من مكان إبراهيم الذى وسم به لاهتمامه به وإسكان ذريته عنده قبلة يصلون إليها (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) أى أمرناهما أمرا مؤكدا (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ) بأن طهراه على أن أن مصدرية حذف عنها الجار حذفا مطردا لجواز كون صلتها أمرا ونهيا كما فى قوله عزوجل (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) لأن مدار جواز كونها فعلا إنما هو دلالته على المصدر وهى متحققة فيهما ووجوب كونها خبرية فى صلة الموصول الاسمى إنما هو للتوصل إلى وصف المعارف بالجمل وهى لا يوصف بها إلا إذا كانت خبرية وأما الموصول الحرفى فليس كذلك ولما كان الخبر والإنشاء فى الدلالة على المصدر سواء ساغ وقوع الأمر والنهى صلة حسب وقوع الفعل فيتجرد عند ذلك عن معنى الأمر والنهى نحو تجرد الصلة الفعلية عن معنى المضى والاستقبال أو أى طهراه على أن أن مفسرة لتضمن العهد معنى القول وإضافة البيت إلى ضمير الجلالة للتشريف وتوجيه الأمر بالتطهير ههنا إليهما عليهماالسلام لا ينافى ما فى سورة الحج من تخصيصه بإبراهيم