(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(١٢٧)
____________________________________
قرى الشام فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) بدل من أهله بدل البعض خصهم بالدعاء إظهارا لشرف الإيمان وإبانة لخطره واهتماما بشأن أهله ومراعاة لحسن الأدب وفيه ترغيب لقومه فى الإيمان وزجر عن الكفر كما أن فى حكايته ترغيبا وترهيبا لقريش وغيرهم من أهل الكتاب (قالَ) استئناف مبنى على السؤال كما مر مرارا وقوله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ) عطف على مفعول فعل محذوف تقديره أرزق من آمن ومن كفر وقوله تعالى (فَأُمَتِّعُهُ) معطوف على ذلك الفعل أو فى محل رفع بالابتداء وقوله تعالى (فَأُمَتِّعُهُ) خبره أى فأنا أمتعه وإنما دخلته الفاء تشبيها له بالشرط والكفر وإن لم يكن سببا للتمتيع المطلق لكنه يصلح سببا لتقليله وكونه موصولا بعذاب النار وقيل هو عطف على من آمن عطف تلقين كأنه قيل قل وارزق من كفر فإنه أيضا مجاب كأنه عليهالسلام قاس الرزق على الإمامة فنبهه تعالى على أنه رحمة دنيوية شاملة للبر والفاجر بخلاف الإمامة الحاصلة بالخواص وقرىء فأمتعه من أمتع وقرىء فنمتعه (قَلِيلاً) تمتيعا قليلا أوزمانا قليلا (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) أى ألزه إليه لز المضطر لكفره وتضييعه ما متعه به من النعم وقرىء ثم نضطره على وفق قراءة فنمتعه وقرىء فأمتعه قليلا ثم اضطره بلفظ الأمر فيهما على أنهما من دعاء إبراهيم عليهالسلام وفى قال ضميره وإنما فصله عما قبله لكونه دعاء على الكفرة وتغيير سبكه للإيذان بأن الكفر سبب لاضطرارهم إلى عذاب النار وأما رزق من آمن فإنما هو على طريقة التفضل والإحسان وقرىء بكسر الهمزة على لغة من يكسر حرف المضارعة وأطره بإدغام الضاد فى الطاء وهى لغة مرذولة فإن حروف ضم شفر يدغم فيها ما يجاورها بلا عكس (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المخصوص بالذم محذوف أى بئس المصير النار أو عذابها (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) عطف على ما قبله من قوله عز وعلا (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) على أحد الطريقين المذكورين فى وإذ جعلنا وصيغة الاستقبال لحكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها العجيبة المنبئة عن المعجزة الباهرة والقواعد جمع قاعدة وهى الأساس صفة غالبة من القعود بمعنى الثبات ولعله مجاز من مقابل القيام ومنه قعدك الله ورفعها البناء عليها لأنه ينقلها من هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع والمرتفع حقيقة وإن كان هو الذى بنى عليها لكنهما لما التأما صارا شيئا واحدا فكأنها نمت وارتفعت وقيل المراد بها سافات البناء فإن كل ساف قاعدة لما يبنى عليها وبرفعها بناء بعضها على بعض وقيل المراد برفعها رفع مكانة البيت وإظهار شرفه ودعاء الناس إلى حجه وفى إبهامها أولا ثم تبيينها من تفخيم شأنها ما لا يخفى وقيل المعنى وإذ يرفع إبراهيم ما قعد من البيت واستوطأ يعنى يجعل هيئة القاعدة المستوطأة مرتفعة عالية بالبناء روى أن الله عزوجل أنزل البيت ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد شرقى وغربى وقال لآدم أهبطت لك ما يطاف به كما يطاف حول عرشى فتوجه آدم من أرض الهند إليه ماشيا وتلقته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفى عام وحج آدم عليهالسلام أربعين حجة من أرض الهند إلى مكة على رجليه فكان على ذلك إلى أن رفعه الله أيام الطوفان إلى السماء الرابعة فهو البيت المعمور