(وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧) يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(١٦٨)
____________________________________
الْعَذابَ) حالية وقد مضمرة وقيل عاطفة على تبرأ والضمير فى رأوا للموصوفين جميعا (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) والوصل التى كانت بينهم من التبعية والمتبوعية والاتفاق على الملة الزائغة والأغراض الداعية إلى ذلك وأصل السبب الحبل الذى يرتقى به الشجر ونحوه والجملة معطوفة على تبرأ وتوسيط الحال بينهما للتنبيه على علة التبرى وقد جوز عطفها على الجملة الحالية (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) حين عاينوا تبرؤ الرؤساء منهم وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم فى الدنيا (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) أى ليت لنا رجعة إلى الدنيا (فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) هناك (كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) اليوم (كَذلِكَ) إشارة إلى مصدر الفعل الذى بعده لا إلى شىء آخر مفهوم مما سبق وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجة المشار إليه وبعد منزلته مع كمال تميزه عما عداه وانتظامه فى سلك الأمور المشاهدة والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة ومحله النصب على المصدرية أى ذلك الإراء الفظيع (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) أى ندامات شديدة فإن الحسرة شدة الندم والكمد وهى تألم القلب وانحساره عما يؤلمه واشتقاقها من قولهم بعير حسير أى منقطع القوة وهى ثالث مفاعيل يرى إن كان من رؤية القلب وإلا فهى حال والمعنى أن أعمالهم تنقلب حسرات عليهم فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) كلام مستأنف لبيان حالهم بعد دخولهم النار والأصل وما يخرجون والعدول إلى الاسمية لإفادة دوام نفى الخروج والضمير للدلالة على قوة أمرهم فيما أسند إليهم كما فى قوله[هم يفرشون اللبد كل طمرة وأجرد سباق يبذ المغاليا] (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ) أى بعض ما فيها من أصناف المأكولات التى من جملتها ما حرمتموه افتراء على الله من الحرث والأنعام قال ابن عباس رضى الله عنهما نزلت فى قوم من ثقيف وبنى عامر بن صعصعة وخزاعة وبنى مدلج حرموا على أنفسهم ما حرموا من الحرث والبحائر والسوائب والوصائل والحام وقوله تعالى (حَلالاً) حال من الموصول أى كلوه حال كونه حلالا أو مفعول لكلوا على أن من ابتدائية وقد جوز كونه صفة لمصدر مؤكد أى أكلا حلالا ويؤيد الأولين قوله تعالى (طَيِّباً) فإنه صفة له ووصف الأكل به غير معتاد وقيل نزلت فى قوم من المؤمنين حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس ويرده قوله عزوجل (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أى لا تقتدوا بها فى اتباع الهوى فإنه صريح فى أن الخطاب للكفرة. كيف لا وتحريم الحلال على نفسه تزهدا ليس من باب اتباع خطوات الشيطان فضلا عن كونه تقولا وافتراء على الله تعالى وإنما الذى نزل فيهم ما فى