(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١٨٥)
____________________________________
ليس بالصيام كما قيل لوقوع الفصل بينهما بأجنبى بل بمضمر دل هو عليه أعنى صوموا إما على الظرفية أو المفعولية اتساعا وقيل بقوله تعالى (كُتِبَ) على أحد الوجهين وفيه أن الأيام ليست محلا له بل للمكتوب فلا تتحقق الظرفية ولا المفعولية المتفرعة عليها اتساعا (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) أى مرضا يضره الصوم أو يعسر معه (أَوْ عَلى سَفَرٍ) مستمرين عليه وفيه تلويح ورمز إلى أن من سافر فى أثناء اليوم لم يفطر (فَعِدَّةٌ) أى فعليه صوم عدة أيام المرض والسفر (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) إن أفطر فحذف الشرط والمضاف ثقة بالظهور وقرىء بالنصب أى فليصم عدة وهذا على سبيل الرخصة وقيل على الوجوب وإليه ذهب الظاهرية وبه قال أبو هريرة رضى الله عنه (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أى وعلى المطيقين للصيام إن أفطروا (فِدْيَةٌ) أى إعطاء فدية وهى (طَعامُ مِسْكِينٍ) وهو نصف صاع من بر أو من غيره عند أهل العراق ومد عند أهل الحجاز وكان ذلك فى بدء الإسلام لما أنه قد فرض عليهم الصوم وما كانوا متعودين له فاشتد عليهم فرخص لهم فى الإفطار والفدية وقرىء يطيقونه أى يكلفونه أو يقلدونه ويتطوقونه ويطوقونه بإدغام التاء فى الطاء ويطيقونه ويطيقونه بمعنى يتطيقونه وأصلهما يطوقونه ويتطوقونه من فعيل وتفعيل من الطوق فأدغمت الياء فى الواو بعد قلبها ياء كقولهم تدبر المكان وما بها ديار وفيه وجهان أحدهما نحو معنى يطيقونه والثانى يكلفونه أو يتكلفونه على جهد منهم وعسر وهم الشيوخ والعجائز وحكم هؤلاء الإفطار والفدية وهو حينئذ غير منسوخ ويجوز أن يكون هذا معنى يطيقونه أى يصومونه جهدهم وطاقتهم ومبلغ وسعهم (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) فزاد فى الفدية (فَهُوَ) أى التطوع أو الخير الذى تطوعه (خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا) أيها المطيقون أو المطوقون وتحملوا على أنفسكم وتجهدوا طاقتكم أو المرخصون فى الإفطار من المرضى والمسافرين (خَيْرٌ لَكُمْ) من الفدية أو من تطوع الخير أو منهما أو من التأخير إلى أيام أخر والالتفات إلى الخطاب للهزو التنشيط (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أى ما فى صومكم مع تحقق المبيح للإفطار من الفضيلة والجواب محذوف ثقة بظهوره أى اخترتموه أو سارعتم إليه وقيل معناه إن كنتم من أهل العلم والتدبير علمتم أن الصوم خير من ذلك (شَهْرُ رَمَضانَ) مبتدأ سيأتى خبره أو خبر لمبتدأ محذوف أى ذلك شهر رمضان أو بدل من الصيام على حذف المضاف أى صيام شهر رمضان وقرىء بالنصب على إضمار صوموا أو على أنه مفعول تصوموا أو بدل من أياما معدودات ورمضان مصدر رمض أى احترق من الرمضاء فأضيف إليه الشهر وجعل علما ومنع الصرف للتعريف والألف والنون كما قيل ابن دأية للغراب فقوله عليهالسلام من صام رمضان الحديث وأراد على حذف المضاف للأمن من الالتباس وإنما سمى بذلك إما لارتماضهم فيه من الجوع والعطش أو لارتماض الذنوب بالصيام فيه أو لوقوعه فى أيام رمض الحر عند