(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)(١٨٦)
____________________________________
نقل اسماء الشهور عن اللغة القديمة (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) خبر للمبتدأ على الوجه الأول وصفة لشهر رمضان على الوجوه الباقية ومعنى إنزاله فيه أنه ابتدى إنزاله فيه وكان ذلك ليلة القدر أو أنزل فيه جملة إلى السماء الدنيا ثم نزل منجما إلى الأرض حسبما تقتضيه المشيئة الربانية أو أنزل فى شأنه القرآن وهو قوله عزوجل (كُتِبَ عَلَيْكُمُ) وعن النبى صلىاللهعليهوسلم نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة منه والقرآن لأربع وعشرين (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) حالان من القرآن أى أنزل حال كونه هدية للناس بما فيه من الإعجاز وغيره وآيات واضحة مرشدة إلى الحق فارقة بينه وبين الباطل بما فيه من الحكم والأحكام (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) أى حضر فيه ولم يكن مسافرا ووضع الظاهر موضع الضمير للتعظيم والمبالغة فى البيان والفاء للتفريع والترتيب أو لتضمن المبتدأ معنى الشرط أو زائدة على تقدير كون شهر رمضان مبتدأ والموصول صفة له وهذه الجملة خبر له وقيل هى جزائية كأنه قيل لما كتب عليكم الصيام فى ذلك الشهر فمن حضر فيه (فَلْيَصُمْهُ) أى فليصم فيه بحذف الجار وإيصال الفعل إلى المجرور اتساعا وقيل من شهد منكم هلال الشهر فليصمه على أنه مفعول به كقولك شهدت الجمغة أى صلاتها فيكون ما بعده مخصصا له كأنه قيل (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً) وإن كان مقيما حاضرا فيه (أَوْ عَلى سَفَرٍ) وإن كان صحيحا (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أى فعليه صيام أيام أخر لأن المريض والمسافر ممن شهد الشهر ولعل التكرير لذلك أو لئلا يتوهم نسخه كما نسخ قرينه (يُرِيدُ اللهُ) بهذا الترخيص (بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) لغاية رأفته وسعة رحمته (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) علل لفعل محذوف يدل عليه ما سبق أى ولهذه الأمور شرع ما مر من أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخص لهم بمراعاة عدة ما أفطر فيه ومن الترخيص فى إباحة الفطر فقوله تعالى (لِتُكْمِلُوا) علة الأمر بمراعاة العدة و (لِتُكَبِّرُوا) علة ما علمه من كيفية القضاء و (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) علة الترخيص والتيسير وتعدية فعل التكبير بعلى لتضمنه معنى الحمد كأنه قيل ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ويجوز أن تكون معطوفة على علة مقدرة مثل ليسهل عليكم أو لتعلموا ما تعملون ولتكملوا الخ ويجوز عطفها على (الْيُسْرَ) أى يريد بكم لتكملوا الخ كقوله تعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا) إلخ والمعنى بالتكبير تعظيمه تعالى بالحمد والثناء عليه وقيل تكبير يوم العيد وقيل التكبير عند الإهلال وما تحتمل المصدرية والموصولة أى على هدايته إياكم أو على الذى هداكم إليه وقرىء ولتكملوا بالتشديد (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) فى تلوين الخطاب وتوجيهه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما لا يخفى من تشريفه ورفع محله (فَإِنِّي قَرِيبٌ) أى فقل لهم إنى قريب وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه روى أن أعرابيا قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزلت (أُجِيبُ دَعْوَةَ