(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(١٨٧)
____________________________________
الدَّاعِ إِذا دَعانِ) تقرير للقرب وتحقيق له ووعد للداعى بالإجابة (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) إذا دعوتهم للإيمان والطاعة كما أجيبهم إذا دعونى لمهماتهم (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) أمر بالثبات على ما هم عليه (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) راجين إصابة الرشد أى الحق وقرىء بفتح الشين وكسرها ولما أمرهم الله تعالى بصوم الشهر ومرعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكبير والشكر عقبه بهذه الآية الكريمة الدالة على أنه تعالى خبير بأحوالهم سميع لأقوالهم مجيب لدعائهم مجازيهم على أعمالهم تأكيدا له وحثا عليه ثم شرع فى بيان أحكام الصيام فقال (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) روى أن المسلمين كانوا إذا أمسوا حل لهم الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلوا العشاء الأخيرة أو يرقدوا ثم إن عمر رضى الله عنه باشر بعد العشاء فندم وأتى النبى صلىاللهعليهوسلم واعتذر إليه فقام رجال فاعترفوا بما صنعوا بعد العشاء فنزلت. وليلة الصيام الليلة التى يصبح منها صائما والرفث كناية عن الجماع لأنه لا يكاد يخلو من رفث وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه وعدى بإلى لتضمنه معنى الإفضاء والإنهاء وإيثاره ههنا لاستقباح ما ارتكبوه ولذلك سمى خيانة وقرىء الرفوث وتقديم الظرف على القائم مقام الفاعل لما مر مرارا من التشويق فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس مترقبة إليه فيتمكن عندها وقت وروده فضل تمكن (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) استئناف مبين لسبب الإحلال وهو صعوبة الصبر عنهن مع شدة المخالطة وكثرة الملابسة بهن وجعل كل من الرجل والمرأة لباسا للآخر لاعتناقهما واشتمال كل منهما على الآخر بالليل قال[إذا ما الضجيع ثنى عطفها تثنت فكانت عليه لباسا] أو لأن كلا منهما يستر حال صاحبه ويمنعه من الفجور (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) استئناف آخر مبين لما ذكر من السبب والاختيان أبلغ من الخيانة كالاكتساب من الكسب ومعنى تختانون تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب (فَتابَ عَلَيْكُمْ) عطف على علم أى تاب عليكم لما تبتم مما افترفتموه (وَعَفا عَنْكُمْ) أى محا أثره عنكم (فَالْآنَ) لما نسخ التحريم (بَاشِرُوهُنَّ) المباشرة إلزاق البشرة بالبشرة كنى بها عن الجماع الذى يستلزمها وفيه دليل على جواز نسخ الكتاب للسنة (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أى واطلبوا ما قدره الله لكم وقرره فى اللوح من الولد وفيه أن المباشر ينبغى أن يكون غرضه الولد فإنه الحكمة فى خلق الشهوة وشرع النكاح لاقضاء الشهوة وقيل فيه نهى عن العزل وقيل عن غير المأتى والتقدير وابتغوا المحل الذى كتب