(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ)(١٩٧)
____________________________________
أعماله وفى أحد قولى الشافعى إذا رجعتم إلى أهليكم وقرىء وسبعة بالنصب عطفا على محل ثلاثة أيام (تِلْكَ عَشَرَةٌ) فذلكة الحساب وفائدتها أن لا يتوهم أن الواو بمعنى أو كما فى قولك جالس الحسن وابن سيرين وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا فإن أكثر العرب لا يعرف الحساب وأن المراد بالسبعة هو العدد المخصوص دون الكثرة كما يراد بها ذلك أيضا (كامِلَةٌ) صفة مؤكدة لعشرة تفيد المبالغة فى المحافظة على العدد أو مبينة لكمال العشرة فإنها أول عدد كامل إذ به ينتهى الآحاد ويتم مراتبها أو مقيدة تفيد كمال بدليتها من الهدى (ذلِكَ) إشارة إلى التمتع عندنا وإلى الحكم المذكور عند الشافعى (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهو من كان من الحرم على مسافة القصر عند الشافعى ومن كان مسكنه وراء الميقات عندنا وأهل الحل عند طاوس وغير أهل مكة عند مالك (وَاتَّقُوا اللهَ) فى المحافظة على أوامره ونواهيه لا سيما فى الحج (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن لم يتقه كى يصدكم العلم به عن العصيان وإظهار الاسم الجليل فى موضع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة (الْحَجُّ) أى وقته (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) معروفات بين الناس هى شوال وذو القعدة وعشر ذى الحجة عندنا وتسعة بليلة النحر عند الشافعى وكله عند مالك ومدار الخلاف أن المراد بوقته وقت إحرامه أو وقت أعماله ومناسكه أو ما لا يحسن فيه غيره من المناسك مطلقا فإن مالكا كره العمرة فى بقية ذى الحجة وأبو حنيفة وإن صحح الإحرام به قبل شوال فقد استكرهه وإنما سمى شهرين وبعض شهر أشهرا إقامة للبعض مقام الكل أو إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد وصيغة جمع المذكر فى غير العقلاء تجىء بالألف والتاء (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) أى أوجبه على نفسه بالإحرام فيهن أو بالتلبية أو بسوق الهدى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) أى لا جماع أو فلا فحش من الكلام ولا خروج من حدود الشرع بارتكاب المحظورات وقيل بالسباب والتنابذ بالألقاب (وَلا جِدالَ) أى لا مراء مع الخدم والرفقة (فِي الْحَجِّ) أى فى أيامه والإظهار فى مقام الإضمار لإظهار كمال الاعتناء بشأنه والإشعار بعلة الحكم فإن زيارة البيت المعظم والتقرب بها إلى الله عزوجل من موجبات ترك الأمور المذكورة وإيثار النفى للمبالغة فى النهى والدلالة على أن ذلك حقيق بأن لا يكون فإن ما كان منكرا مستقبحا فى نفسه ففى تضاعيف الحج أقبح كلبس الحرير فى الصلاة والتطريب بقراءة القرآن لأنه خروج عن مقتضى الطبع والعادة إلى محض العبادة وقرىء الأولان بالرفع على معنى لا يكونن رفث ولا فسوق والثالث بالفتح على معنى الإخبار بانتفاء الخلاف فى الحج وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام فارتفع الخلاف بأن أمروا بأن يقفوا أيضا بعرفات (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) فيجزى به خير جزاء وهو حث على فعل الخير إثر النهى عن الشر (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) أى تزودوا لمعادكم التقوى فإنه خير زاد وقيل نزلت فى أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون ويقولون