(وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)(٢٠٧)
____________________________________
وفصاحته لا فى الآخرة لما أنه يظهر هناك كذبه وقبحه وقيل لما يرهقه من الحبسة واللكنة وأنت خبير بأنه لا مبالغة حينئذ فى سوء حاله فإن مآله بيان حسن كلامه فى الدنيا وقبحه فى الآخرة وقيل معنى فى الحياة الدنيا مدة الحياة الدنيا أى لا يصدر منه فيها إلا القول الحسن (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) أى بحسب إدعائه حيث يقول الله يعلم أن ما فى قلبى موافق لما فى لسانى وهو عطف على يعجبك وقرىء ويشهد الله فالمراد بما فى قلبه ما فيه حقيقة ويؤيده قراءة ابن عباس رضى الله عنهما والله يشهد على ما فى قلبه على أن كلمة على لكون المشهود به مضرا له فالجملة اعتراضية وقرىء ويستشهد الله (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) أى شديد العداوة والخصومه للمسلمين على أن الخصام مصدر وإضافة ألد إليه بمعنى فى كقولهم ثبت العذر أو أشد الخصوم لهم خصومة على أنه جمع خصم كصعب وصعاب قيل نزلت فى الأخنس بن شريق الثقفى وكان حسن المنظر حلو المنطق يوالى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويدعى الإسلام والمحبة وقيل فى المنافقين والجملة حال من الضمير المجرور فى قوله أو من المستكن فى يشهد وعطف على ما قبلها على القراءتين المتوسطتين (وَإِذا تَوَلَّى) أى من مجلسك وقيل إذا صار واليا (سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) كما فعله الأخنس بثقيف حيث بيتهم وأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإتلاف أو بالظلم حتى يمنع الله تعالى بشؤمه القطر فيهلك الحرث والنسل وقرىء ويهلك الحرث والنسل على إسناد الهلاك إليهما عطفا على سعى وقرىء بفتح اللام وهى لغة وقرىء على البناء للمفعول من الإهلاك (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) أى لا يرتضيه ويبغضه ويغضب على من يتعاطاه وهو اعتراض تذييلى (وَإِذا قِيلَ لَهُ) على نهج العظة والنصيحة (اتَّقِ اللهَ) واترك ما تباشره من الفساد أو النفاق واحذر سوء مغبته (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) أى حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذى نهى عنه لجاجا وعنادا من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه أو ألزمته إياه (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) مبتدأ وخبر أى كافيه جهنم وقيل جهنم فاعل لحسبه ساد مسد خبره وهو مصدر بمعنى الفاعل وقوى لاعتماده على الفاء الرابطة للجملة بما قبلها وقيل حسب اسم فعل ماض أى كفته جهنم (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) جواب قسم مقدر والمخصوص بالذم محذوف لظهوره وتعينه والمهاد الفراش وقيل ما يوطأ للجنب والجملة اعتراض (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ) مبتدأ وخبر كما مر أى يبيعها ببذلها فى الجهاد ومشاق الطاعات وتعريضها للمهالك فى الحروب أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن ترتب عليه القتل (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أى طالبا لرضاه وهذا كمال التقوى وإيراده قسيما للأول من حيث أن ذلك يأنف من الأمر بالتقوى وهذا يأمر بذلك وإن أدى إلى الهلاك وقيل نزلت فى صهيب بن سنان الرومى أخذه المشركون وعذبوه ليرتد فقال إنى شيخ كبير