(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠) وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
____________________________________
وتقفوا على مقاصدها وتعملوا بما فى تضاعيفها وقوله تعالى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ متعلق إما يبين أى يبين لكم فيما يتعلق بالدنيا والآخرة الآيات وإما بمحذوف وقع حالا من الآيات أى يبينها لكم كائنة فيهما أى مبينة لأحوالكم المتعلقة بهما وإنما قدم عليه التعليل لمزيد الاعتناء بشأن التفكر وإما بقوله تعالى (تَتَفَكَّرُونَ) أى تتفكرون فى الأمور المتعلقة بالدنيا والآخرة فى الأحكام الواردة فى أجوبة الأسئلة المارة فتختارون منها ما يصلح لكم فيهما وتجتنبون عن غيره وهذا التخصيص هو المناسب لمقام تعداد الأحكام الجزئية ويجوز التعميم لجميع الأمور المتعلقة بالدنيا والآخرة فذلك حينئذ إشارة إلى ما مر من البيانات كلا أو بعضا لا إلى مصدر ما بعده فإنه حينئذ فعل مستقل ليس بعبارة عن تلك البيانات والمراد بالآيات غير ما ذكر والمعنى مثل ذلك البيان الوارد فى الأجوبة المذكورة يبين الله لكم الآيات والدلائل لعلكم تتفكرون فى أموركم المتعلقة بالدنيا والآخرة وتأخذون بما يصلح لكم وينفعكم فيهما وتذرون ما يضركم حسبما تقتضيه تلك الآيات المبينة (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) عطف على ما قبله من نظيره روى أنه لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية تحامى الناس عن مخالطة اليتامى وتعهد أموالهم فشق عليهم ذلك فذكروه للنبىصلىاللهعليهوسلم فنزلت (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) أى التعرض لأحوالهم وأموالهم على طريق الإصلاح خير من مجانبتهم اتقاء (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) وتعاشروهم على وجه ينفعهم (فَإِخْوانُكُمْ) أى فهم إخوانكم أى فى الدين الذى هو أقوى من العلاقة النسبية ومن حقوق الأخوة ومواجبها المخالطة بالإصلاح والنفع وقد حمل المخالطة على المصاهرة (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) العلم بمعنى المعرفة المتعدية إلى واحد ومن لتضمينه معنى التمييز أى يعلم من يفسد فى أمورهم عند المخالطة أو من يقصد بمخالطته الخيانة والإفساد مميزا له ممن يصلح فيها أو يقصد الإصلاح فيجازى كلا منهما بعمله ففيه وعد ووعيد خلا أن فى تقديم المفسد مزيد تهديد وتأكيد للوعيد (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) أى لو شاء أن يعنتكم أى يكلفكم ما يشق عليكم من العنت وهو المشقة لفعل ولم يجوز لكم مداخلتهم (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب على أمره لا يعز عليه أمر من الأمور التى من جملتها إعناتكم فهو تعليل لمضمون الشرطية وقوله عزوجل (حَكِيمٌ) أى فاعل لأفعاله حسبما تقتضيه الحكمة الداعية إلى بناء التكليف على أساس الطاقة دليل على ما تفيده كلمة لو من انتفاء مقدمها (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) أى لا تتزوجوهن وقرىء بضم التاء من الإنكاح أى لا تزوجوهن