من المسلمين (حَتَّى يُؤْمِنَّ) والمراد بهن إما ما يعم الكتابيات أيضا حسبما يقتضيه عموم التعليلين الآتيين لقوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله سبحانه (عَمَّا يُشْرِكُونَ) فالآية منسوخة بقوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وأما غير الكتابيات فهى ثابتة وروى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين وكان يهوى امرأة فى الجاهلية أسمها عناق فأتته فقالت ألا تخلو فقال ويحك إن الإسلام حال بيننا فقالت هل لك أن تتزوج بى قال نعم ولكن أرجع إلى النبى صلىاللهعليهوسلم فأستأمره فاستأمره فنزلت (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ) تعليل للنهى عن مواصلتهن وترغيب فى مواصلة المؤمنات صدر بلام الابتداء الشبيهة بلام القسم فى إفادة التأكيد مبالغة فى الحمل على الانزجار وأصل أمة أمو حذفت لامها على غير قياس وعوض منه تاء التأنيث ودليل كون لامها واوا رجوعها فى الجمع قال الكلابى[أما الإماء فلا يدعوننى ولدا إذا تداعى بنو الأموات بالعار] وظهورها فى المصدر يقال هى أمة بينة الأموة وأقرت له بالأموة وقد وقعت مبتدأ لما فيها من لام الابتداء والوصف أى ولأمة مؤمنة مع ما بها من خساسة الرق وقلة الخطر (خَيْرٌ) بحسب الدين والدنيا (مِنْ مُشْرِكَةٍ) أى امرأة مشركة مع ما لها من شرف الحرية ورفعة الشأن (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) قد مر أن كلمة لو فى أمثال هذه المواقع ليست لبيان انتفاء الشىء فى الماضى لانتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف ثقة بدلالة ما قبلها عليه من انصباب المعنى على تقديره بل هى لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من الحكم على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمال بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر بثبوته معه ثبوته مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشىء متى تحقق مع المنافى القوى فلأن يتحقق مع غيره أولى ولذلك لا يذكر معه شىء من سائر الأحوال ويكتفى عنه بذكر الواو العاطفة للجملة على نظيرتها المقابلة لها المتناولة لجميع الأحوال المغايرة لها وهذا معنى قولهم إنها لاستقصاء الأحوال على وجه الإجمال كأنه قيل لو لم تعجبكم ولو أعجبتكم والجملة فى حيز النصب على الحالية من مشركة إذ المآل ولأمة مؤمنة خير من امرأة مشركة حال عدم إعجابها وحال إعجابها إياكم بجمالها ومالها ونسبها وبغير ذلك من مبادى الإعجاب وموجبات الرغبة فيها أى على كل حال وقد اقتصر على ذكر ما هو أشد منافاة للخيرية تنبيها على أنها حيث تحققت معه فلأن تتحقق مع غيره أولى وقيل الواو حالية وليس بواضح وقيل اعتراضية وليس بسديد والحق أنها عاطفة مستتبعة لما ذكر من الاعتبار اللطيف نعم يجوز أن تكون الجملة الأولى مع ما عطف عليها مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها فتدبر (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ) من الإنكاح والمراد بهم الكفار على الإطلاق لما مر أى لا تزوجوا منهم المؤمنات سواء كن حرائر أو إماء (حَتَّى يُؤْمِنُوا) ويتركوا ما هم فيه من الكفر (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ) مع ما به من ذل المملوكية (خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) مع ما له من عز المالكية (وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) بما فيه من دواعى الرغبة فيه الراجعة إلى ذاته وصفاته (أُولئِكَ) استئناف مقرر لمضمون التعليلين المارين أى أولئك المذكورون من المشركات والمشركين (يَدْعُونَ) من يقارنهم ويعاشرهم (إِلَى النَّارِ) أى إلى ما يؤدى إليها من الكفر والفسوق فلا بد من الاجتناب عن مقارنتهم ومقاربتهم (وَاللهُ يَدْعُوا) بواسطة عباده