(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٢٤٥)
____________________________________
(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (ثُمَّ أَحْياهُمْ) عطف إما على مقدر يستدعيه المقام أى فماتوا ثم أحياهم وإنما حذف الدلالة على الاستغناء عن ذكره لاستحالة تخلف مراده تعالى عن إرادته وإما على قال لما أنه عبارة عن الإماتة وفيه تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض لأسباب الشهادة وأن الموت حيث لم يكن منه بدو لم ينفع منه المفر فأولى أن يكون فى سبيل الله تعالى (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ) عظيم (عَلَى النَّاسِ) قاطبة أما أولئك فقد أحياهم ليعتبروا بما جرى عليهم فيفوزوا بالسعادة العظمى وأما الذين سمعوا قصتهم فقد هداهم إلى مسلك الاعتبار والاستبصار (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) أى لا يشكرون فضله كما ينبغى ويجوز أن يراد بالشكر الاعتبار والاستبصار وإظهار الناس فى مقام الإضمار لمزيد التشنيع (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) عطف على مقدر يعينه ما قبله كأنه قيل فاشكروا فضله بالاعتبار بما قص عليكم وقاتلوا فى سبيله لما علمتم أن الفرار لا ينجى من الحمام وأن المقدر لا مرد له فإن كان قد حان الأجل فموت فى سبيل الله عزوجل وإلا فنصر عزيز وثواب (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع مقالة السابقين والمتخلفين (عَلِيمٌ) بما يضمرونه فى أنفسهم وهو من وراء الجزاء خيرا وشرا فسارعوا إلى الامتثال واحذروا المخالفة والمساهلة (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ) من استفهامية مرفوعة المحل بالابتداء وذا خبره والموصول صفة له أو بدل منه وإقراض الله تعالى مثل لتقديم العمل العاجل طلبا للثواب الآجل والمراد ههنا إما الجهاد الذى هو عبارة عن بذل النفس والمال فى سبيل الله عزوجل ابتغاء لمرضاته وإما مطلق العمل الصالح المنتظم له انتظاما أوليا (قَرْضاً حَسَناً) أى إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى فإنه فى معنى أيقرضه وقرىء بالرفع أى يضاعف أجره وجزاءه جعل ذلك مضاعفة له بناء على ما بينهما من المناسبة بالسببية والمسببية ظاهرا وصيغة المفاعلة للمبالغة وقرىء فيضعفه بالرفع وبالنصب (أَضْعافاً) جمع ضعف ونصبه على أنه حال من الضمير المنصوب أو مفعول بأن يضمن المضاعفة معنى التصيير أو مصدر مؤكد على أن الضعف اسم للمصدر والجمع للتنوين (كَثِيرَةً) لا يعلم قدرها إلا الله تعالى وقيل الواحد بسبعمائة (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) أى يقتر على بعض ويوسع على بعض أو يقتر تارة ويوسع أخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم كى لا يبدل أحوالكم ولعل تأخير البسط عن القبض فى الذكر للإيماء إلى أنه يعقبه فى الوجود تسلية للفقراء وقرىء يبصط بالصاد لمجاورة الطاء (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيجازيكم على ما قدمتم من الأعمال خيرا وشرا.