الكامل الحقيق بأن يخص به اسم الكتاب لغاية تفوقه على بقية الأفراد فى حيازة كمالات الجنس كأن ما عداه من الكتب السماوية خارج منه بالنسبة إليه كما يقال هو الرجل أى الكامل فى الرجولية الجامع لما يكون فى الرجال من مراضى الخصال وعليه قول من قال هم القوم كل القوم يا أم خالد فالمدح كما ترى من جهة حصر كمال الجنس فى فرد من أفراده وفى الصورة الأولى من جهة حصر كمال الكل فى الجزء ولا مساغ هناك لحمل الكتاب على الجنس لما أن فرده المعهود هو مجموع القرآن المقابل لسائر أفراده من الكتب السماوية لا بعضه الذى ينطلق عليه اسم الكتاب باعتبار كونه جزأ لهذا الفرد لا باعتبار كونه جزئيا للجنس على حياله ولأن حصر الكمال فى السورة مشعر بنقصان سائر السور وإن لم يكن الحصر بالنسبة إليها لتحقق المغايرة بينهما هذا على تقدير كون الكتاب خبرا لذلك وأما إذا كان صفة له فذلك الكتاب على تقدير كون الم خبر مبتدأ محذوف إما خبر ثان أو بدل من الخبر الأول أو مبتدأ مستقل خبره ما بعده وعلى تقدير كونه مبتدأ إما خبر له أو مبتدأ ثان خبره ما بعده والجملة خبر للمبتدأ الأول والمشار إليه على كلا التقديرين هو المسمى سواء كان هى السورة أو القرآن ومعنى البعد ما ذكر من الإشعار بعلو شأنه والمعنى ذلك الكتاب العجيب الشأن البالغ أقصى مراتب الكمال وقيل المشار إليه هو الكتاب الموعود فمعنى البعد حينئذ ظاهر خلا أنه إن كان المسمى هى السورة ينبغى أن يراد بالوعد ما فى قوله تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) كما قيل وإن كان هو القرآن فهو ما فى التوراة والإنجيل هذا على تقدير كون الم اسما للسورة أو القرآن وأما على تقدير كونها مسرودة على نمط التعديد فذلك مبتدأ والكتاب إما خبره أو صفته والخبر ما بعده على نحو ما سلف أو يقدر مبتدأ أى المؤلف من هذه الحروف ذلك الكتاب وقرىء الم تنزيل الكتاب وقوله تعالى. (لا رَيْبَ فِيهِ) إما فى محل الرفع على أنه خبر لذلك الكتاب على الصور الثلاث المذكورة أو على أنه خبر ثان لالم أو لذلك على تقدير كون الكتاب خبره أو للمبتدأ المقدر آخرا على رأى من يجوز كون الخبر الثانى جملة كما فى قوله تعالى (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) وإما فى محل النصب على الحالية من ذلك أو من الكتاب والعامل معنى الإشارة وإما جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مؤكدة لما قبلها وكلمة لا نافية للجنس مفيدة للاستغراق عاملة عمل إن بحملها عليها لكونها نقيضا لها ولازمة للاسم لزومها واسمها مبنى على الفتح لكونه مفردا نكرة لا مضافا ولا شبيها به وأما ما ذكره الزجاج من أنه معرب وإنما حذف التنوين للتخفيف فمما لا تعويل عليه وسبب بنائه تضمنه لمعنى من الاستغراقية لا أنه مركب معها تركيب خمسة عشر كما توهم وخبرها محذوف أى لا ريب موجود أو نحوه كما فى قوله تعالى (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) والظرف صفة لاسمها ومعناه نفى الكون المطلق وسلبه عن الريب المفروض فى الكتاب أو الخبر هو الظرف ومعناه سلب الكون فيه عن الريب المطلق وقد جعل الخبر المحذوف ظرفا وجعل المذكور خبرا لما بعده وقرىء لا ريب فيه على أن لا بمعنى ليس والفرق بينه وبين الأول أن ذلك موجب للاستغراق وهذا مجوز له والريب فى الأصل مصدر رابنى إذا حصل فيك الريبة وحقيقتها قلق النفس واضطرابها ثم استعمل فى معنى الشك مطلقا أو مع تهمة لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة وفى