(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٣١)
____________________________________
القوة إلى الفعل وغير ذلك مما نيط به أمر الخلافة والتسبيح تنزيه الله تعالى وتبعيده اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه سبحانه من سبح فى الأرض والماء إذا أبعد فيهما وأمعن ومنه فرس سبوح أى واسع الجرى وكذلك تقديسه تعالى من قدس فى الأرض إذا ذهب فيها وأبعد ويقال قدسه أى طهره فإن مطهر الشىء مبعده عن الأقذار والباء فى بحمدك متعلقة بمحذوف وقع حالا من الضمير أى ننزهك عن كل ما لا يليق بشأنك ملتبسين بحمدك على ما أنعمت به علينا من فنون النعم التى من جملتها توفيقنا لهذه العبادة فالتسبيح لإظهار صفات الجلال والحمد لتذكير صفات الإنعام واللام فى لك إما مزيدة والمعنى نقدسك وإما صلة للفعل كما فى سجدت لله وإما للبيان كما فى سقيالك فتكون متعلقة بمحذوف أى نقدس تقديسا لك أى نصفك بما يليق بك من العلو والعزة وننزهك عما لا يليق بك وقيل المعنى نطهر نفوسنا عن الذنوب لأجلك كأنهم قابلوا الفساد الذى أعظمه الإشراك بالتسبيح وسفك الدماء الذى هو تلويث النفس بأقبح الجرائم بتطهير النفس عن الآثام لا تمدحا بذلك ولا إظهارا للمنة بل بيانا للواقع (فَقالَ) استئناف كما سبق (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ليس المراد به بيان أنه تعالى يعلم ما لا يعلمونه من الأشياء كائنا ما كان فإن ذلك مما لا شبهة لهم فيه حتى يفتقروا إلى التنبيه عليه لا سيما بطريق التوكيد بل بيان أن فيه عليه الصلاة والسلام معانى مستدعية لاستخلافه إذ هو الذى خفى عليهم وبنوا عليه ما بنوا من التعجب والاستبعاد فما موصولة كانت أو موصوفة عبارة عن تلك المعانى والمعنى إنى أعلم ما لا تعلمونه من دواعى الخلافة فيه وإنما لم يقتصر على بيان تحققها فيه عليهالسلام بأن قيل مثلا إن فيه ما يقتضيه من غير تعرض لإحاطته تعالى به وغفلتهم عنه تفخيما لشأنه وإيذانا بابتناء أمره تعالى على العلم الرصين والحكمة المتقنة وصدور قولهم عن الغفلة وقيل معناه إنى أعلم من المصالح فى استخلافه ما هو خفى عليكم وأن هذا إرشاد للملائكة إلى العلم بأن أفعاله تعالى كلها حسنة وحكمة وإن خفى عليهم وجه الحسن والحكمة وأنت خبير بأنه مشعر بكونهم غير عالمين بذلك من قبل ويكون تعجبهم مبنيا على ترددهم فى اشتمال هذا الفعل لحكمة ما وذلك مما لا يليق بشأنهم فإنهم عالمون بأن ذلك متضمن لحكمة ما ولكنهم مترددون فى أنها ماذا هل هو أمر راجع إلى محض حكم الله عزوجل أو إلى فضيلة من جهة المستخلف فبين سبحانه وتعالى لهم أولا على وجه الإجمال والإبهام أن فيه فضائل غائبة عنهم ليستشرفوا إليها ثم أبرز لهم طرفا منها ليعاينوه جهرة ويظهر لهم بديع صنعه وحكمته وينزاح شبهتهم بالكلية. (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) شروع فى تفصيل ما جرى بعد الجواب الإجمالى تحقيقا لمضمونه وتفسيرا لإبهامه وهو عطف على قال والابتداء بحكاية التعليم يدل بظاهره على أن ما مر من المقاولة المحكية إنما جرت بعد خلقه عليهالسلام بمحضر منه وهو الأنسب بوقوف الملائكة على أحواله عليهالسلام بأن قيل إثر نفخ الروح فيه إنى جاعل إياه خليفة فقيل ما قيل