وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٤٧)
____________________________________
ولا تهتدى(ألا إن ذلك لا ينفع)[فيا حجر الشحذ حتى متى تسن الحديد ولا تقطع فلما سمعه الواعظ شهق شهقة فخر من فرسه مغشيا عليه فحملوه إلى بيته فتوفى إلى رحمة الله سبحانه (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) متصل بما قبله كأنهم لما كلفوا ما فيه مشقة من ترك الرياسة والإعراض عن المال عولجوا بذلك والمعنى استعينوا على حوائجكم بانتظار النجح والفرج توكلا على الله تعالى أو بالصوم الذى هو الصبر عن المفطرات لما فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس والتوسل بالصلاة والالتجاء إليها فإنها جامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنية من الطهارة وستر العورة وصرف المال فيهما والتوجه إلى الكعبة والعكوف على العبادة وإظهار الخشوع بالجوارح وإخلاص النية بالقلب ومجاهدة الشيطان ومناجاة الحق وقراءة القرآن والتكلم بالشهادة وكف النفس عن الأطيبين حتى تجابوا إلى تحصيل المآرب وجبر المصائب روى أنه عليهالسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويجوز أن يراد بها الدعاء (وَإِنَّها) أى الاستعانة بهما أو الصلاة وتخصيصها برد الضمير إليها لعظم شأنها واشتمالها على ضروب من الصبر كما فى قوله تعالى (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) أو جملة ما أمروا بها ونهوا عنها (لَكَبِيرَةٌ) لثقيلة شاقة كقوله تعالى (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) الخشوع الإخبات ومنه الخشعة للرملة المتطامنة والخضوع اللين والانقياد ولذلك يقال الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب وإنما لم تثقل عليهم لأنهم يتوقعون ما أعد لهم بمقابلتها فتهون عليهم ولأنهم يستغرقون فى مناجاة ربهم فلا يدركون ما يجرى عليهم من المشاق والمتاعب ولذلك قال عليهالسلام وقرة عينى فى الصلاة والجملة حالية أو اعتراض تذييلى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) أى يتوقعون لقاءه تعالى ونيل ما عنده من المثوبات والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليهم للإيذان بفيضان إحسانه إليهم أو يتيقنون أنهم يحشرون إليه للجزاء فيعملون على حسب ذلك رغبة ورهبة وأما الذين لا يوقنون بالجزاء ولا يرجون الثواب ولا يخافون العقاب كانت عليهم مشقة خالصة فتثقل عليهم كالمنافقين والمرائين فالتعرض للعنوان المذكور للإشعار بعلية الربوبية والمالكية للحكم ويؤيده أن فى مصحف ابن مسعود رضى الله عنه يعلمون وكان الظن لما شابه العلم فى الرجحان أطلق عليه لتضمين معنى التوقع قال[فأرسلته مستيقن الظن أنه مخالط ما بين الشراسيف جائف] وجعل خبر أن فى الموضعين اسما للدلالة على تحقيق اللقاء والرجوع وتقررهما عندهم (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) كرر التذكير للتأكيد ولربط ما بعده من الوعيد الشديد به (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) عطف على نعمتى عطف الخاص على العام لكماله أى فضلت آباءكم (عَلَى الْعالَمِينَ) أى عالمى زمانهم بما منحتهم من العلم والإيمان والعمل الصالح وجعلتهم أنبياء وملوكا مقسطين وهم آباءهم