(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)(٤٩)
____________________________________
الذين كانوا فى عصر موسى عليهالسلام وبعده قبل أن يغيروا (وَاتَّقُوا يَوْماً) أى حساب يوم أو عذاب يوم (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أى لا تقضى عنها شيئا من الحقوق فانتصاب شيئا على المفعولية أو شيئا من الجزاء فيكون نصبه على المصدرية وقرىء لا تجتزىء أى لا تغنى عنها فيتعين النصب على المصدرية وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والإقناط الكلى والجملة صفة يوما والعائد منها محذوف أى لا تجزى فيه ومن لم يجوز الحذف قال اتسع فيه فحذف الجار وأجرى المجرور مجرى المفعول به ثم حذف كما حذف فى قول من قال [فما أدرى أغيرهم تناء وطول العهد أم مال أصابوا] أى أصابوه (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) أى من النفس الثانية العاصية أو من الأولى والشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا والعدل الفدية وقيل البدل وأصله التسوية سمى به الفدية لأنها تساوى المفدى وتجزى مجزاه (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أى يمنعون من عذاب الله عزوجل والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة فى سياق النفى من النفوس الكثيرة والتذكير لكونها عبارة عن العباد والأناسى والنصرة ههنا أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضرر وكأنه أريد بالآية نفى أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل فإنه إما أن يكون قهرا أولا والأول النصرة والثانى إما أن يكون مجانا أولا والأول الشفاعة والثانى إما أن يكون بأداءعين ما كان عليه وهو أن يجزى عنه أو بأداء غيره وهو أن يعطى عنه عدلا وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفى الشفاعة لأهل الكبائر والجواب أنها خاصة بالكفار للآيات الواردة فى الشفاعة والأحاديث المروية فيها ويؤيده أن الخطاب معهم ولردهم عما كانوا عليه من اعتقاد أن أباءهم الأنبياء يشفعون لهم (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) تذكير لتفاصيل ما أجمل فى قوله تعالى (نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) من فنون النعماء وصنوف الآلاء أى واذكروا وقت تنجيتنا إياكم أى آباءكم فإن تنجيتهم تنجية لأعقابهم وقرىء أنجيتكم وأصل آل أهل لأن تصغيره أهيل وخص بالإضافة إلى أولى الأخطار كالأنبياء عليهمالسلام والملوك وفرعون لقب لمن ملك العمالقة ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم وخاقان لملك الترك ولعتوه اشتق منه تفرعن الرجل إذا عتا وتمرد وكان فرعون موسى عليهالسلام مصعب بن ريان وقيل ابنه وليدا من بقايا عاد وقيل إنه كان عطارا أصفهانيا ركبته الديون فأفلس فاضطر إلى الخروج فلحق بالشام فلم يتسن له المقام به فدخل مصر فرأى فى ظاهره حملا من البطيخ بدرهم وفى نفسه بطيخة بدرهم فقال فى نفسه إن تيسر لى أداء الدين فهذا طريقه فخرج إلى السواد فاشترى حملا