القرآن أن يوحي به من الاهتمام بصلتها وعدم مقاطعتها واعتبار ذلك قيمة إسلامية. وربما يضيف البعض إلى ذلك أن هذا الاتجاه في العلاقات الإنسانية قد يفسح المجال للعصبية العائلية أن تولد وتتحرّك بما تمثله صلة الرحم من خصوصية شرعية ترقى إلى مستوى القيمة الإسلامية الكبيرة ، وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من الانغلاق في داخل النطاق العائلي.
ولكن القضية ـ في ما نفهمه من حكمة التشريع ـ لا تتحرك في هذا الجو ، بل تبتعد عنه ابتعادا كليا ، لأنها تدخل في الفكرة الإسلامية التي تخطّط لتعميق العلاقات الإنسانية وامتدادها ، والعمل على التحرك من أجل تطويق الانفعالات السلبية التي تنمو في النفس ، من خلال حالة التماس المتواصل الذي تفرضه صلة القرابة ، مما قد يؤدي إلى تقاطع شديد وعداوة عميقة ، وذلك إذا حدثت بعض الأوضاع الشاذة في نطاق الأقرباء ، كما نشاهده كثيرا في المشاكل العائلية الصعبة التي تحدث بين ذوي القربى ، بالمستوى الذي يثير الحقد والبغضاء لمدة طويلة ، فأراد الإسلام أن يجعل لهذه العلاقة قاعدتها الروحية ، بالإضافة إلى القاعدة العاطفية الطبيعية التي تفرضها العوامل الذاتية المؤثرة في حركة المشاعر ، حتى يكون ذلك أساسا تربويا للانسجام في خط السيطرة على الأوضاع السلبية ، للحيلولة دون تدهور العلاقات الإنسانية ، لأن الإنسان الذي لا يقدر على امتصاص السلبيات في نوازعه ومشاعره مع الناس الذين يرتبط معهم بصلة الرحم ، فإنه قد لا يكون قادرا على مثل ذلك في علاقته بالناس الآخرين الذين لا يرتبط معهم بصلة في مثل هذا المستوى.
وربما كان هذا الأسلوب الإسلامي في رعاية العلاقات الإنسانية ظاهرة في التشريع ، في جميع الموارد التي تتمثل فيها العلاقات في نطاق التماس المتواصل ، على أساس الرحم تارة ، أو الجوار أخرى ، أو الإيمان في حركة