وقد تبنى الإسلام هذا النظام الأبوي ، فاعتبر الأب قواما على الأسرة وأساسا للانتماء ومسئولا عن الأمور الحياتية ، وليس معنى ذلك إلغاء دور الأم أو نسبها ، بل اعتباره ثانويا من هذه الجهات. وفي ضوء ذلك لا يمكن الإقرار بتعدّد الأزواج ، لأنه يخلق لنا مشكلة انتماء الأولاد فتضيع الأنساب.
وقد جاء في الميزان عن محمد بن سنان أن الإمام الرضا عليهالسلام كتب إليه ـ أي للمأمون ـ في ما كتب من جواب مسائله : «علة تزويج الرجل أربع نسوة وتحريم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد ، لأن الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوبا إليه ، والمرأة لو كان لها زوجان أو أكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو ، إذ هو مشتركون في نكاحها ، وفي ذلك فساد الأنساب والمواريث والمعارف» (١).
أما الجواب عن السؤال التالي ، وهو لماذا يحافظ الإسلام على النظام الأبوي للأسرة؟ فقد نتحدث عنه فيما يأتي من حديث ، وكنا قد ألمحنا إليه عند الحديث عن بعض جوانب التفسير في سورة البقرة ؛ فإن للإسلام مبرراته الإنسانية والاجتماعية المرتكزة على أساس مصلحة الوجود الإنساني في الكون.
النقطة الثانية : إن التشريع لا بد من أن ينشأ عن حاجة ملزمة في الحياة. وقد تحدثنا ، في ما قدمناه من حديث ، عن الأسس التي ارتكز عليها تشريع تعدد الزوجات من خلال الواقع ومن خلال نداء الطبيعة ، حتى أننا قررنا الفكرة التي تقول إن تاريخ الإنسان هو تاريخ التعدد في العلاقات الجنسية من طرف الرجل ، سواء في ذلك العلاقات الشرعية وغير الشرعية ، مما يوحي بأن الوحدة في ذلك لا تعتبر حلا للمشكلة ؛ فلا بد من تجاوز هذا العلاج إلى غيره.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٤ ، ص : ١٨١.