(وَالْآخِرَةَ) بخسارته الجنة بابتعاده عن رسالة الله ، واقترابه من نار جهنم ، و (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) لأنه يمثل الخسارة الشاملة المطلقة التي لا ينفع معها أيّ ربح طارئ ، لأن أيّ قدر منه يبدو ضئيلا أمام حجم الخسارة.
(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) لأنه يفتقد الشعور والإرادة ، ولا يملك قوّة مستقلة ، ولا يستطيع أن يحقق للآخرين أيّ نفع ، أو يدفع عنهم أيّ ضرر ، لأنه ، سواء أكان مخلوقا حيّا أم جامدا ، فهو لا يملك في ذاته إلا ما ملّكه الله إيّاه .. و (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) لأن لجوءه إلى هذه المخلوقات لا يؤمّن أي مصدر للقوّة ، أو أيّ مورد للنفع أو الربح يمكن أن يبقى للإنسان منه شيء في الدنيا والآخرة ، مما يجعل اتجاهه ذاك يزجّه في الضياع البعيد الذي لا يستطيع أن يرجع منه إلى أيّ هدى. (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) لما يضعه من خطط تقود تابعه إلى الشرّ الذي يعقّد حياته في الدنيا ، ويهلكه في الآخرة ، مما يجعل ما يحصل عليه من شهوات وملذات يحققها له أمرا غير ذي معنى. (لَبِئْسَ الْمَوْلى) الذي يأمل في نصرته ، فلا يجد لديه أيّة إمكانية للنصر ، لافتقاره إلى أي قدر من القوة ، (وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) وبئس الصاحب الذي يعاشره ، لأنه لا ينفعه ، بل يقوده إلى الضرر المحقق في ما يوجهه إليه من مواقع الهلكة في الدنيا والآخرة.
* * *