من مات من ولد عبد مناف ثم مات عبد شمس بمكة فقبر باجياد ثم مات نوفل بسلمان من طريق العراق ومات المطلب بريمان من أرض اليمن ، وكان هاشم قد تزوج بيثرب من الخزرج بسلمى بنت عمرو النجارية فولدت له بيثرب عبد المطلب وكان اسمه شيبة الحمد ونشأ فيهم حتى مات أبوه هاشم وانتقلت عنه الرئاسة والوفادة والسقاية إلى أخيه المطلب ووصف له شيبة بيثرب فخرج فاستنزل أمه عنه حتى أخذه منها ودخل به مكة مردفا له فقالت قريش : من هذا؟ فقال : عبدي ، فسمي عبد المطلب إلى أن مات فوثب عليه عمه نوفل ابن عبد مناف في ركح كان له فاغتصبه إياه ـ والركح الساحة ـ فسأل عبد المطلب رجالات قومه النصرة على عمه ، فقالوا : لسنا داخلين بينك وبين عمك ، فلما رأى عبد المطلب ذلك كتب إلى أخواله من بني النجار يقول :
يا طول ليلي لأشجاني وأشغالي |
|
هل من رسول إلى النجار أخوالي |
ينبئ عديا ودينارا ومازنها |
|
ومالكا عصمة الجيران عن حالي |
وكنت ما كنت حيا ناعما جذلا |
|
أمشي الغضية سحابا لأذيالي |
حتى ارتحلت إلى قومي وأزعجني |
|
عن ذاك مطلب عمي بترحالي |
فغاب مطلب في قعر مظلمة |
|
وقام نوفل كي يعدو على مالي |
أئن رأى رجلا غابت عمومته |
|
وغاب أخواله عنه بلا والي |
أنحى عليه ولم يحفظ له رحما |
|
ما أمنع المرء بين العم والخال |
فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم |
|
لا تخذلوه وما أنتم بخذالي |
ما مثلكم في بني قحطان قاطبة |
|
حي لجار وانعام وافضال |
أنتم ليان لمن لانت عريكته |
|
سلما لكم وسمام الأبلج العالي |
فقدم عليه ثمانون راكبا من بني النجار ونصروه على عمه نوفل وارتجعوا منه الركح وعادوا ، وقد اشتد بهم عبد المطلب فدعا ذلك نوفلا أن حالف بني عبد شمس على عبد المطلب وبني هاشم ودعا ذلك عبد المطلب على أن حالف بني هاشم على نوفل وبني عبد شمس ، فقوى عبد المطلب وضعف نوفل وانتقلت السقاية والوفادة والرئاسة إلى عبد المطلب ، وأخذ نوفل عهدا من أكاسرة العراق وصارت رحلته إليها ، وأخذ عبد المطلب عهدا من ملوك الشام