أباح وحظر وبيّن ما يصح من القول ويفسد ، ولذلك كان بمكة مسالما وبالمدينة محاربا ، فكانت الحكمة موافقة لأفعاله والتوفيق معاضدا لأقواله وإن كان مأمورا بها كما قال الله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١٦) لكن لحسن قيامه بها وموافقة الصواب في مواضعها تظهر آثار حكمته في صحة حزمه وصدق عزمه.
فهذه جملة متفقة في أعلام نبوّته وقاعدة مستقرة في ترتيب رسالته وأحكام شريعته ، فأما أحكام جهاده في حروبه وغزواته فسنذكره في كتاب نفرده في سيرته نوضح به مواقع أعلامه ومبادي أحكامه ، وبالله تعالى التوفيق. نحمدك أن أطلعت شموس السعادة ، بكوكب المجد وأس السيادة ، وأظهرت من أعلام نبوّته ما كبت أهل الضلالة ، ومحا ظلم الكفر فلم ينل أحد من النبيين ما ناله ، سيدنا محمد ذات الآيات المعجزة الجمة ، المبعوث رحمة للأمة ، صلىاللهعليهوسلم وعلى آله ، وصحابته التابعين ومن على منواله.
وبعد .. فقد تم طبع أعلام النبوة ، المشتمل على سيرة المصطفى على ما يزيل الغمة ، ألا وهو نسيج من سارت الركبان بتآليفه ، العلامة الماوردي ذو اليد الطولى في تحبيره وتصنيفه ، قامت بطبعه على نفقتها دار ومكتبة الهلال جزاها الله تعالى على هذا الصنع الجميل أحسن جزاء ، بجاه النبي وآله البررة الأتقياء.
تم والحمد لله
__________________
(١٦) سورة النجم الآيتان (٣ ـ ٤).