الترتيب والوضع ، يكون أمرا جائزا ومفتقر الى المخصص والمرجح ، فيكون ذلك الجسم ـ لا محالة ـ مفتقرا الى المركب والمؤلف. وما كان كذلك امتنع أن يكون صانعا للعالم. وأما الثانى وهو أن تكون تلك الأجزاء مختلفة بالماهية ، وكل واحد من تلك الأجزاء المفروضة تكون له طبعية واحدة وخاصية واحدة ، فالذى يصح أن يكون ممسوس (١) يمين الجزء الفرد من تلك الأجزاء ، صح أيضا أن يكون مموس يساره. وبالضد. واذا كان كذلك ، كان التفرق على تلك الأجزاء جائزا. واذا كان كذلك ، فتلك الأجزاء قد تركبت واجتمعت ، مع جواز أن تكون متفرقة متباينة. ومتى كان الأمر كذلك ، افتقرت فى تألفها وتركبها الى المؤلف والمركب. وكل ذلك على خالق كل العالم محال.
الحجة الثامنة : انه لو لم تكن الجسمية والتناهى فى المقدار مانعا من الالهية ، لتعذر القدح فى إلهية الشمس والقمر ، لأنه لا سبيل لنا الى القدح فى إلهية كل واحد منهما ، الا لكونه جسما مركبا من الأجزاء متناهيا فى القدر ، فاذا جوزنا كون الاله تعالى جسما متناهيا ، انسد هذا الطريق. فلا يمكننا القدح فى إلهية الشمس والقمر ، ولما كان ذلك باطلا ، علمنا أن القول بأن الاله تعالى جسم : قول باطل.
__________________
(١) محسوس :