توجد المؤثرات بأسرها ، يجب عقلا ، أن لا يصدر عنه الأثر ، ويمتنع أن يصدر وعلى هذا التقدير ، لا يبقى فرق البتة بين القادر والموجب. بل الفرق : أن شرائط التأثير فى حق القادر سريعة التغير. واذا حصلت بعد أن كانت معدومة ، صار القادر واجب التأثير ، واذا زالت بعد أن كانت موجودة ، صار ممتنع التأثير. الا أن هذا التغير (١) انما يعقل فى حق من تكون مؤثريته ، موقوفة على شرائط منفصلة عن ذاته. والبارى تعالى قبل تأثيره فى غيره ، ليس موقوفا على شرائط منفصلة عن ذاته. لأنه تعالى مبدأ لكل ما سواه ، فلا يكون تأثيره فيما سواه موقوفا على شيء منفصل عنه. فلا جرم كان تأثيره فى غيره ، يخص ذاته. وذاته ممتنعة التغير ، فكان تأثيره فى غيره أيضا ممتنع التغير.
وهذا هو السؤال القوى الّذي عليه يعولون ، وبه يصولون.
السؤال الثانى : قالوا : أليس من مذهبكم أن التغير ممتنع فى صفات الله تعالى ، وأن العدم على القديم محال؟ ثم من مذهبكم : ان إرادة الله تعالى كانت متعلقة من الأزل الى الأبد بترجيح وجود ذلك الحادث المعين على عدمه ، وقدرته من الأزل الى الأبد متعلقة بايجاد وجود ذلك الحادث المعين فى ذلك الوقت المعين. فاذا كان التغير ممتنعا فى صفات الله تعالى ، استحال من الله تعالى أن لا يرجح وجود ذلك المراد ، وأن لا يوجد وجود ذلك المقدور. واذا كان الأمر كذلك ، كان تعالى موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار.
السؤال الثلاث : لا شك أنه تعالى عالم بجميع المعلومات. فهو يعلم أن الشيء الفلانى يقع فى الوقت الفلانى ، والشيء الفلانى لا يقع فى الوقت الفلانى وخلاف المعلوم محال الوقوع لان عدم وقوع الشيء مع العلم بوقوع الشيء ، ضدان. والضدان ممتنعان متنافيان
__________________
(١) التغيير : ا