سلمنا صحة التقدم والتأخر ، ولكن لم لا يجوز أن يكون المرجح هو القدرة؟ قوله : «خاصية القدرة الايجاد. وهذا بالنسبة الى الأوقات مما يختلف» (٦) قلنا : وكذلك خاصية الإرادة التخصيص بوقت مين ، لا بهذا الوقت المعين. فلو افتقرت القدرة الى مرجح آخر ، لافتقرت الإرادة أيضا الى مرجح آخر. ولزم التسلسل.
وتمام تقرير هذا السؤال : ان القدرة كما أنها صالحة للايجاد فى هذا الوقت ، بدلا عن ذلك الوقت ، وفى ذلك الوقت ، بدلا عن هذا الوقت : فكذا الإرادة صالحة للتخصيص بذلك الوقت ، بدلا عن هذا الوقت ، وبهذا الوقت بدلا عن ذلك الوقت. فان كانت تلك الصلاحية فى القدرة تحوجها الى الإرادة. فهذه الصلاحية فى الإرادة تحوجها الى مخصص آخر ، وان استغنى هاهنا عن المرجح ، فكذا هناك. فظهر أنه لا فرق بين الصورتين.
لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إرادة الله تعالى من شأنها تخصيص كل حادث بالوقت الّذي حدث فيه ، وليس لها صلاحية أن تخصص احداث ما حدث فى وقت بوقت آخر ، وعلى هذا التقدير تستغنى الإرادة عن مرجح آخر. لأنا نقول : هذا باطل من وجوه :
الأول : ان على هذا التقدير لا يكون صانع العالم فاعلا مختارا ، بل علة موجبة بالذات. لأنه لما كان بحال أوجب أن يكون مؤثرا فى الايجاد فى هذا الوقت ، ويمتنع عقلا أن يكون موجدا له فى وقت آخر ، لم يكن له اختيار البتة ، بل كان موجبا بالذات.
الثانى : لو جاز هذا الكلام فى الإرادة ، فلم لا يجوز مثله فى القدرة؟ وهو أن يقال : قدرة الله لها صلاحية الايجاد فى ذلك الوقت
__________________
(٦) لا يختلف : ب