لذلك. ولا بد من اثبات صفة وراء هذه الصفات ، خاصيتها الترجيح والتخصيص. وتلك الصفة هى المسماة بالارادة.
فان قيل : لا نسلم أن تقدم المتأخر ، وتأخر المتقدم جائز. بيانه : ان من المحتمل أن يكون هذه الحوادث الأرضية مستندة الى الاتصالات الفلكية ، وتلك الاتصالات لازمة (٣) من كون كل واحد منها (٤) متحركا على وجه خاص. وكون كل واحد منهما متحركا على وجه خاص انما كان لأن ماهية كل واحد منها مخالفة لماهية الآخر. فلا جرم كان كل واحد من تلك الماهيات ، قد استلزم نوعا معينا من الحركات.
لا يقال : هذا مدفوع من وجهين :
الأول : ان القول بأن ذات كل واحدة منها هى الموجبة لتلك الحركة باطل لان تلك الماهية باقية ، وتلك الحركة متغيرة ، والباقى لا يكون علة لغير الباقى.
الثانى : ان هذا محتمل. ولكنا قد دللنا على حدوث العالم ، فلم اختص حدوث العالم بذلك الوقت ، ولم يحدث قبله ولا بعده؟
لأنا نجيب عن الأول : بأنه لا يبعد أن يكون الدائم موجبا للمتغير ، على معنى ان كل حالة متقدمة سابقة ، فانها تكون شرطا لكون ذلك الباقى علة لوجود الحالة المتأخرة (٥) وبهذا الطريق لا يمتنع كون الدائم علة للمتغير.
وعن الثانى : ان بتقدير ثبوت القول بحدوث العالم وحدوث الزمان ، لم يكن قبل اوّل الزمان الحادث زمان آخر ، واذا كان كذلك ، لم يكن له قبل ، واذا لم يكن له قبل استحال أن يقال : لم لم يوجد قبله؟
__________________
(٣) اللازمة : ب
(٤) منها : ا
(٥) المتغيرة : ا