مفهوم مبدأ التخصيص بالارادة. وسمينا مفهوم مبدأ الايجاد بالقدرة.
وأما السؤال الثالث. فجوابه : انا سنقيم الدلالة على أنه تعالى خالق لجميع أفعال العباد ، واذا كان الأمر كذلك ، بطل تعليل أفعال الله تعالى بالحسن والقبح ورعاية المصالح.
وأما الفلاسفة. فقد احتجوا على نفى كونه تعالى مريدا بوجوه :
الشبهة الأولى : ان كل من قصد الى ايجاد شيء ، فلا بد وأن يكون تحصيل ذلك الفعل أولى فى علمه واعتقاده من تركه. وكل من كان كذلك ، كان قبل ذلك الفعل ناقصا ، ويصير مستكملا بسبب ذلك الفعل. وهذا فى حق الله تعالى محال.
أما بيان المقدمة الأولى ـ وهى : أن كل من قصد الى شيء ، فلا بد وان يكون ذلك الفعل أولى فى اعتقاده من تركه ـ فالدليل عليه : أنه لو لم تحصل هذه الأولوية فى اعتقاد ذلك الفاعل ، لكان الفعل والترك بالنسبة إليه سيان. ولو كان كذلك امتنع كونه مرجحا للفعل على الترك. لأن حصول الترجيح بدون المرجح محال.
وأما بيان المقدمة الثانية ـ وهى أن كل من كان وجود ذلك الفعل أولى به من عدمه فهو ناقص ـ فدليله : أنه اذا فعل ذلك الفعل ، حصلت تلك الأولوية ، واذا لم يفعل لم تحصل. فكان ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره.
لا يقال : لم لا يجوز أن يقال الفعل والترك ـ وان استويا بالنسبة إليه ـ الا أن الفعل أصلح للغير من الترك ، وهذا : الفاعل يرجح الفعل ، لا لأنه أنفع له ، بل لأنه احسان الى الغير وايصال للنفع الى الغير؟ لأنا نقول : الاحسان الى الغير وتركه ان استويا بالنسبة إليه ، امتنع الترجيح ، وان لم يستويا ، كان الاحسان الى الغير أولى