به. فيكون الاحسان الى الغير سببا لاستكماله ، وتركه يصير سببا لنقصانه. فيعود المحذور المذكور.
الشبهة الثانية لهم : قالوا : لو كان الله تعالى مريدا ، لكان مريدا بإرادة محدثة. وهذا محال فذلك محال. أما بيان الملازمة فهو أن القصد الى الايجاد يمتنع حصوله ، الا عند حصول ذلك الايجاد ، فأما قبل حصول ذلك الايجاد. فذلك لا يكون قصدا الى الايجاد ، بل يكون ذلك عزما على أنه سيوجد فى الوقت الفلانى.
لا يقال : لم لا يجوز أن يكون العزم على أنه سيفعل غدا ، يكون نفس القصد الى الايجاد عند حضور الغد؟ لأنا نقول : ان من عزم على أن يفعل بكرة الغد ، ثم جلس فى بيت مظلم ، لا يميز فيه بين الليل والنهار ، واستمر ذلك العزم فى قلبه الى أن جاء الغد. لكنه لم يعلم مجىء الغد. فانه لا يصير قاصدا الى الفعل. ولو كان العزم على الفعل غدا ، يكون عين القصد الى الفعل عند مجىء الغد ، لصار عند مجىء الغد قاصدا للفعل ، بل اذا كان عازما على الفعل غدا ، ثم أحس مجىء الغد ، تولد من ذلك العزم ، ومن هذا العلم : قصد الى هذا الفعل. فثبت : أن القصد الى احداث الفعل ، لا يتحقق الا حال حدوث الفعل. فثبت : أنه تعالى لو كان يفعل الأفعال بالقصد والإرادة ، لكانت إرادة لا محالة محدثة.
وانما قلنا : انه يمتنع أن تكون ارادته محدثة ، لأنها لو كانت محدثة لافتقر فى خلق تلك الإرادة الى إرادة اخرى ، فيلزم اما الدور ، واما التسلسل. وكل ذلك محال ، فثبت : أنه يمتنع كونه تعالى مريدا.
لا يقال : أليس من الناس من قال : ان علم الله تعالى بالمتغيرات