أو موجودة لا فى محل ـ وهو قول «أبى على» و «أبى هاشم» و «القاضى عبد البحار بن احمد» ـ واما أن تكون قائمة بذات غير الله تعالى. وما رأيت أحدا اختار هذا القسم. فهذا تفصيل مذاهب الناس فى هذه المسألة. ولما كثر خوض المتقدمين فى هذه المباحث ، لا جرم اكتفينا فيها بالقليل من القول.
فأما قول «النجار» ان معنى كونه مريدا : «أنه غير مقهور ولا مغلوب» فهذا باطل. لأن الجماد والنائم غير مقهور ، مع أنه ليس بمريد. وأما قول من قال : كونه مريدا هو نفس ذاته. فهو أيضا باطل. لأنه لما دل الدليل على استناد هذا العالم الى موجود واجب الوجود لذاته ، فقد علمنا ذاته بعد ما علمنا كونه مريدا. والمعلوم غير ما هو غير معلوم. وأما قول من قال : ان ارادته محدثة. فهو باطل. لأنه لما ثبت أن احداث المحدثات موقوف على الإرادة. فلو كانت الإرادة محدثة ، لافتقر احداثها الى إرادة أخرى. ولزم التسلسل.
وأما قول «الكرامية» انه تحدث الإرادة فى ذاته. فهو أيضا باطل. لما ثبت أن ذاته يمتنع أن تكون محلا للحوادث.
واما قول «المعتزلة» انه تحدث الإرادة لا فى محل. فهذا أيضا باطل. ويدل عليه وجهين :
الأول : ان وجود عرض لا فى محل ، بعيد عن العقول. ولو جاز ذلك ، فلم لا يجوز وجود سواد لا فى محل ، وبياض لا فى محل؟ وكذا القول فى سائر الأعراض.
الثانى : ان ذوات الحيوانات تصح عليها صفة المريدية ، فلو