عندكم ، فاذا عللتم كونها غير معللة ، بكونها واجبة ، فقد عللتم الحكم الواجب. وذلك مناقض لكلامكم.
وثالثها : انكم تقولون : انه تعالى ممتاز عن خلقه بحالة توجب أحوالا أربعة وهى : الموجودية والعالمية والحيية والقادرية. وهذه الأحوال الأربعة واجبة الثبوت لله تعالى ، ثم انكم عللتموها بالحالة الخامسة. فقد بطل قولكم : ان الواجب لا يجوز تعليله.
وأما الجواب عن الشبهة الثانية للمعتزلة ـ وهى قولهم : لو كان عالما بالعلم ، لاحتاج فى معرفة الأشياء الى تلك الصفة ـ فنقول : الاحتياج لو افتقر فى حصول تلك التعلقات ـ التى هى المسماة بالشعور والعلم ـ الى شيء آخر ، فنحن لا نقول ذلك ، بل نقول : الموجب لتلك التعلقات هو نفس الذات. وعلى هذا التقدير ، لا يلزم تحقق الحاجة. وأما على قول من أثبت أمورا ثلاثة : الذات والمعنى والتعلقات ، فجوابه : لم لا يجوز أن تكون الذات موجبة للمعنى والمعنى موجبا للتعلقات؟ فان أردتم بالحاجة هذا المعنى ، فلم قلتم : ان ذلك محال؟ فان النزاع ليس الا فيه ، وان أردتم بالحاجة شيئا آخر فبينوه.
والجواب عن الشبهة الثالثة ـ وهى قولهم : حلول الشيء فى الشيء ، عبارة عن حصول الحال فى الحيز ، تبعا لحصول محله فيه ـ فنقول : هذا التفسير باطل. ويدل عليه وجهان :
الأول : ان كون الجسم حاصلا فى الحيز ، هو المسمى بالكائنية ، وهى صفة حالة فى الجسم قائمة به ، فلو كان الحلول عبارة عما ذكرتم ، لزم أن تكون هذه الكائنية حاصلة فى الحيز تبعا لحصول ذلك الجسم فيه ، فيكون كون الجسم موصوفا بكونه حاصلا فى هذا