ذلك الزائد ، اما أن يكون قديما ، فيلزم أن تكون الذات محدثة ، والصفة قديمة وهو محال. أو يكون محدثا فيكون مسبوقا بالعدم ، فتكون المسبوقية زائدة عليه. ولزم التسلسل. لأنا نقول : هذا معارض من وجه آخر ، وهو أن مسبوقية وجوده بالعدم ، صفة من صفات وجوده ، ونحن ندرك بالضرورة تفرقة بين هذه الصفة وبين نفس العدم المحض ، فوجب أن تكون هذه المسبوقية صفة ثبوتية.
سلمنا : أن القدم أمر ثبوتى. فلم لا يجوز أن يقال : الذات والصفة حقيقتان مختلفتان لذاتيهما الا أنهما مشتركتان فى هذا القدم ، والأشياء المختلفة لا يبعد فى العقل اشتراكها فى لازم واحد؟ والّذي يحقق ما ذكرناه : أن الحوادث مختلفة فى الماهيات ، ومشتركة فى كونها حادثة ، فلم لا يجوز أن يكون الأمر كذلك فى القدم؟
والجواب عن شبهتهم الخامسة : ان أصحابنا قالوا : الصفة مع الذات لا هو ولا غيره ، واستبعد المخالفون ذلك. وهذا البحث لفظى ، فانا نقول : ان عنيتم بالغيرين أشياء مستقلة بالذات والحقيقة ، فلا نسلم أن الذات والصفة غيران ، على هذا التفسير. وان عنيتم بالغيرين كل شيئين سواء كانا مستقلين أو كان أحدهما صفة للآخر ، والآخر موصوفا به. فلم قلتم : ان اثبات شيئين متغايرين قديمين بهذا التفسير باطل ، فان النزاع ما وقع الا فيه؟
والجواب عن شبهتهم السادسة : ان الله تعالى انما كفر النصارى ، لأنهم أثبتوا صفات ثلاثة هى فى الحقيقة ذوات. ألا ترى أنهم جوزوا انتقال أقنوم الكلمة من ذات الله الى بدن عيسى عليهالسلام. والشيء الّذي يكون مستقلا بالانتقال من ذات الى ذات أخرى يكون مستقلا بنفسه قائما بذاته. فهم وان سموها صفات ، الا أنهم قائلون