الأول : ان قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) جملة مركبة من شرط وجزاء. والشرط هو قوله : (إِذا أَرَدْناهُ) والجزاء هو قوله : (كُنْ) والجزاء لا بد وأن يكون متأخرا عن الشرط. فوجب أن يكون قول الله تعالى ، متأخرا عن ارادته. والمتأخر عن الغير محدث ، فوجب أن يكون قول الله محدثا.
والثانى : وهو ان الفاء فى قوله : (فَيَكُونُ) فاء التعقيب. وهذا يقتضي أن يكون المكون حاصلا عقيب قوله من غير فصل ولا تراخ ، فيلزم أن يكون قوله : (كُنْ) متقدما على المكون من غير فصل. والمقدم على المحدث بزمان واحد ، يجب أن يكون محدثا ، فيلزم أن يكون قوله (كُنْ) محدثا.
الثالث : ان الآية صريحة فى أن قول الله تعالى : (كُنْ) كلمة مركبة من الكاف والنون. وهما حرفان متعاقبان. فتكون هذه الكلمة محدثة ، فيلزم أن يكون قول الله محدثا.
الشبهة الثالثة : قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) [البقرة ٣٠] فكلمة (إِذْ) ظرف زمان وهذا يدل على أن قول الله تعالى مختص بذلك الوقت. وكل ما كان وجوده مختصا بوقت معين ، كان محدثا ، فيلزم أن يكون قوله الله تعالى محدثا.
الشبهة الرابعة : انه تعالى وصف القرآن بقوله : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ، ثُمَّ فُصِّلَتْ) [هود ٢] وقال أيضا : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [يوسف ٢٠] وهذا يدل على أن القرآن مركب من السور والآيات والحروف والعبارات ، ويدل على أن كلام الله تعالى تارة يكون عربيا وتارة يكون عبريا. وكل ذلك يدل على أنه محدث مخلوق.
الشبهة الخامسة : ان كلام الله تعالى مسموع ، ويدل عليه قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ، فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ