ولقائل أن يقول :
(السؤال الأول) : صحة الرؤية حكم عدمى ، والحكم العدمى لا يجوز تعليله.
وانما قلنا : ان صحة الرؤية حكم عدمى : لأن الصحة حكم عدمى ، واذا كانت الصحة أمرا عدميا ، كانت صحة الرؤية أمرا عدميا (١).
وانما قلنا : الصحة أمر عدمى لوجهين :
الأول : الدلائل الكثيرة المذكورة فى مسألة حدوث الأجسام ، على أن الصحة والامكان يمتنع أن يكون صفة موجودة.
والثانى : ان الصحة لو كانت صفة موجودة ، فلا شك أن العالم قبل وجوده ، صحيح الوجود. وكانت تلك الصحة صفة موجودة أيضا ، فيستدعى موصوفا موجودا. وذلك يوجب القول بقدم العالم. وهو محال. فثبت : أن الصحة ليست صفة ثابتة ، ولا حالة ثبوتية البتة. وانما قلنا : ان الصحة لما لم تكن حكما ثابتا ، امتنع كون صحة الرؤية حالة ثابتة. وذلك لأن صحة الرؤية صحة مخصوصة بكيفية مخصوصية ، ولما كان أصل الصحة غير ثابت ، امتنع أن تكون كيفيتها وصفتها ثابتة ، لامتناع قيام الثابت بالنفى المحض. فثبت : أن صحة الرؤية ليست صفة ثابتة ولا حكما ثابتا. واذا ثبت هذا ، امتنع تعليل هذه الصحة ، لأن التعليل عبارة عن تأثير أمر فى أمر ، والعدم نفى محض وسلب صرف ، فيمتنع أن يكون علة ومعلولا.
السؤال الثانى :
هب أن صحة الرؤية حكم ثابت ، فلم قلتم : ان كل حكم ، فانه يجب تعليله. والدليل عليه : اتفاق المتكلمين على أن من الاحكام ما يعلل ، ومنها ما لا يعلل. ولذلك فان صحة المعلومية (٢) والمذكورية
__________________
(١) وجب القول بكون صحة الرؤية حكما عدميا : ب
(٢) صحة المرئية والمعلومية : ب