والمخبرية ، لا تعلل. لأن هذه الاحكام ثابتة فى المعدومات ، والعدم لا يصلح للعلية ـ على ما قررتموه فى دليلكم ـ وأيضا : القدر فى الشاهد لا تصلح لخلق الجسم ، فهى مشتركة فى هذا الحكم. ولا يمكن تعليل هذا الحكم بكونها قدرا ، والا لزم أن لا تصلح القدرة القديمة لخلق الجسم ، ولا يمكن تعليل هذا الحكم بكونها قدرا حادثة ، لأنكم بينتم فى دليلكم أن الحدوث لا يصلح أن يكون علة ، ولا أن يكون جزء علة. فثبت ان هذا الحكم المشترك فيه بين هذه القدرة : غير معلل بشيء أصلا.
السؤال الثالث : سلمنا أن صحة الرؤية حكم ثابت. وان كان حكما عدميا ، لكن الحكم العدمى يجب تعليله. لكن لا نسلم أن صحة الرؤية حكم مشترك بين الجوهر والعرض. وذلك لأن صحة كون السواد مرئيا ، مخالفة لصحة كون البياض مرئيا. والدليل عليه : أنه يمتنع قيام كل واحدة من هاتين الصحتين مقام الأخرى ، بدليل : أن الجوهر يمتنع أن يرى سوادا ، والسواد يمتنع أن يرى جوهرا. ولو تساوت الصحتان لقامت كل واحدة منهما مقام الاخرى.
لا يقال : هب أن هاتين الصحتين نوعان مختلفان فى النوعية ، لكنهما مشتركان فى جنس واحد ، وهو كونه صحة الرؤية. وهذا الحكم واحد ، بحسب الوحدة الجنسية. وحينئذ يعود التقريب.
لأنا نقول : انه لا نزاع فى أن الأحكام المختلفة بحسب النوعية ، وان كانت متحدة فى الجنس ، فانه يجوز تعليلها بعلل مختلفة فى الماهية. والدليل عليه : ان المتحركية والساكنية والعالمية والقادرية ، وان كانت مختلفة بحسب الوحدة النوعية ، لكنها متحدة بحسب الوحدة الجنسية. فانها بأسرها صفات وأحوال. ثم أنها مع ذلك تعلل بعلل مختلفة فى الماهية والحقيقة. فثبت : أن هذا غير ممتنع.