السؤال الرابع :
هب أن صحة رؤية الجوهر وصحة رؤية العرض ، حكمان متماثلان. لكن لم لا يجوز تعليل الحكمين المتماثلين بعلتين مختلفتين؟
والّذي يدل عليه وجوه :
الأول : ان الأشياء المختلفة لا يمتنع اشتراكها فى لوازم متساوية والدليل عليه : ان المختلفين يشتركان فى صحة الاختلاف. فانه كما أن هذا مخالف لذاك ، فذاك مخالف لهذا. فمسمى الاختلاف مشترك فيه. وكذا القول فى الضدين.
والثانى : وهو أن السواد بخصوص كونه سوادا ، يصح أن يكون معلوما. وكذا البياض بخصوص كونه بياضا ، يصح أن يكون معلوما. وهذه أحكام متساوية معللة بخصوصيات هذه الماهيات. وهى مختلفة.
الثالث : وهو ان الماهيتين اذا اشتركتا من وجه ، اختلفتا من وجه آخر. ولا شك أن ما به الاشتراك ، مغاير لما به الامتياز.
اذا ثبت هذا فنقول : اما أن لا تكون بين الاعتبارين ملازمة أصلا ، واما أن يكون كل واحد منهما مستلزما للآخر ، واما أن يكون ما به المشاركة مستلزما لما به الممايزة ، واما أن يكون بالعكس.
والقسم الأول باطل. والا لانفك كل واحد من هذين الاعتبارين عن الآخر ، وحينئذ لا يحصل من مجموعهما حقيقة واحدة. هذا خلف. والثانى والثالث : أيضا باطل. اذ لو كان ما به الاشتراك مستلزما لما به الامتياز ، لما كان ما به الامتياز موجبا للمائزة. وذلك محال ، فلم يبق الا القسم الرابع. وهو أن يكون ما به الممايزة ، مستلزما لما به المشاركة. وهذا يقتضي الجزم بتعليل الأشياء المتساوية بالعلل المختلفة.