الرابع : لو وجب تعليل الحكم المشترك بوصف مشترك ، لكان صحة كونه موصوفا بذلك الوصف المشترك ، معللة بوصف آخر مشترك فيه. والكلام فيه كما فى الأول فيلزم التسلسل. وهو محال. فعلمنا : أنه لا بد من انتهاء تعليل الأحكام المشتركة الى خصوصيات الماهيات. وحينئذ يلزم تعليل الأحكام المتساوية بالماهيات المختلفة.
لا يقال : الدليل على أن تعليل الأحكام المتساوية بالعلل المختلفة لا يجوز. وذلك لأن هذا الحكم لما كان معللا بهذه العلة لذاته ، والحكم الثانى مساويا للحكم الأول فى الماهية. والمتساويان فى الماهية يجب استواؤهما فى اللوازم ، فيلزم أن يكون الحكم الثانى مستندا الى ما يماثل تلك العلة. فثبت : أن الحكمين المتساويين يجب تعليلهما بعلتين متماثلتين.
لأنا نقول : ان صح هذا الكلام ، لزم تعليل جميع الأحكام المتماثلة بعلة واحدة بالشخص. لأن كون هذا الحكم معللا بهذه العلة المعينة ، أمر ثبت له لذاته ، والحكم المماثل له ، مساو له فى تمام الماهية. فيلزم فى مثل ذلك الحكم : أن يكون معللا بعين تلك العلة. وبالاتفاق هذا باطل. وكذا ما ذكرتموه.
ثم نقول : لم لا يجوز أن يقال : اسناد هذا الحكم الى هذه العلة ، ليس متولدا من ذات الحكم ، بل العلة المخصوصة لذاتها توجب ذلك الحكم ، ولما حصل ذلك الحكم بتلك العلة ، وجب اسناده الى تلك العلة ، لا لأن ذاته يوجب الاسناد إليها ، بل لأجل أن تكون العلة مستلزمة له ، فوجب اسناده إليها. وهذا كلام دقيق ، لا بد من التأمل فيه.
والسؤال الخامس :
هب أنه لا بد لهذا الحكم المشترك من علة مشتركة فيها ، فلم قلتم :