الحجة التاسعة عشر : حكى عن «الخليل» أنه قال : نظرت الى فلان ، بمعنى انتظرته. وعن «ابن عباس» ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : تقول العرب : انما أنظر الى الله تعالى ، ثم الى فلان. وهذا الاستعمال أيضا حاصل فى الفارسية. فانهم يقولون فيمن يطمع فى أمر يتوقعه : «فلان را چشم بر فلان كار است ونظرا وبر فلان كار است وفلان كارى را مى نگرد» فثبت : أن هذا الاستعمال متعارف مشهور فى العربية ، وفى الفارسية ، حتى أن الأعمى قد يذكر هذا اللفظ ، فيقول : عينى شاخصة أليك ، ونظرى الى الله تعالى ، ثم أليك.
الحجة العشرون : قول الشاعر :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
الى الرحمن تنتظر الخلاصا |
أثبت النظر المقرون بحرف «الى» لا بمعنى الرؤية ، بل بمعنى الانتظار.
لا يقال : ان بعض الرواة روى هذا البيت على وجه آخر :
وجوه ناظرات يوم بكر.
وزعم : أن مراد الشاعر يوم اليمامة. وسمى يوم بكر ، لأن القتال وقع بين عسكر أبى بكر رضى الله عنه. وبين مسيلمة الكذاب. والمراد من الرحمن فى البيت : مسيلمة الكذاب. فانهم كانوا يسمونه رحمن اليامة. وكانوا ينظرون الى وجهه ، ويطمعون فيه أن يخلصهم من ذلك البلاء. لأنا نقول : لا منافاة بين الروايتين. فنقبلهما.
الحجة الحادية والعشرون : قول الكميت :
وشعث ينظرون الى بلال |
|
كما نظر الظماء الى الغمام |
ومعلوم : أن الظماء ينتظرون حيا الغمام ، فعلمنا أن نظر الشعث الى بلال ، هو بمعنى الانتظار. الا أنه شبه نظرهم الى بلال ينظرهم الى حيا الغمام.