__________________
أن هذه المعانى التى أوصلوها إلينا ، هى من قبل الله ، لا من مجرد فكرهم ورؤيتهم.
ولفظ «الكلام» ولفظ «القول» على الحقيقة يأتى ، وأيضا على المجاز يأتى.
ولفظ الكلام والقول على الحقيقة. وقعا على النطق باللسان. مثل قوله : «موسى يتكلم» و «قال فرعون» ووقعا على المجاز ، على المعنى المتصور فى العقل من غير أن ينطق به. مثل : «فقلت فى قلبى» ـ «فتكلمت فى قلبى» ـ «وينطق قلبك»! «لك نطق قلبى» ـ «وقال عيسو فى قلبه» وهذا كثير. ووقعا أيضا مجازا على الإرادة. مل : «وهم أن يقتل داود» فكأنه قال : وأراد قتله. أى هم به. ومثل : «أتريد أن تقتلنى»؟ أى تهم به وتريده وقال المؤلف ما نصه : «فكل قولة وكلام ، جاءت منسوبة لله ، فهى من المعنيين الأخيرين. أعنى : أنها اما كناية عن المشيئة والإرادة ، واما كناية عن المعنى المفهوم من قبل الله ، سواء علم بصوت مخلوق ، أو علم بطريق من طرق النبوة ، لا أنه تعالى تكلم بحرف وصوت. ولا أنه تعالى ذو نفس. فترتسم المعانى فى نفسه ، وتكون فى ذاته معنى زائدا على ذاته. بل تعلق تلك المعانى به ونسبتها إليه ، كنسبة الأفعال كلها» ا. ه
هذا ما أردت بيانه هاهنا. لأبين أن للمعتزلة تأثيرا فى علماء بنى اسرائيل. لا أن علماء بنى اسرائيل قد تأثروا بالمعتزلة. ذلك لأن ابن ميمون توفى فى سنة ستمائة وثلاث من الهجرة. و «واصل بن عطاء الغزال» رئيس المعتزلة ، توفى فى سنة مائة واحدى وثلاثين من الهجرة ولأن موسى ابن ميمون قد صرح بأن كتب علماء بنى اسرائيل الأوائل قد تلفت بطول الأزمان وباستيلاء الملل الجاهلة ـ فى نظره ـ عليهم ، وبكون تلك الأمور لم تكن مباحة للناس كلهم.