__________________
وكذلك «نظر» يقع حقيقة على الالتفات بالعين للشىء. مثل : «لا تلتفت الى ورائك» (تك ١٩ : ١٧) «فالتفت امرأته الى ورائها» (١٩ : ٢٦) «وينظر الى الأرض» (أش ٥ : ٣٠) واستعير مجازا الى التفات الذهن واقباله على تأمل الشيء حتى يدركه. مثل قوله : «لم ير اثما فى يعقوب» (عد ٢٣ : ٢١) لان «الاثم» لا يرى بالعين. وكذلك قوله : «وينظرون الى موسى» (خر ٣٣ : ٨) قال الحكماء ـ عليهمالسلام ـ : ان فيه أيضا هذا المعنى ، وانه اخبار عن كونهم يتعقبون أفعاله وأقواله ويتأملونها. ومن هذا المعنى قوله : «انظر الى السماء» (تك ١٥ : ٥) لأن ذلك كان رؤى النبوة.
وعلى هذه الاستعارة تكون كل لفظة «النظر» التى جاءت فى الله تعالى. مثل : «أن ينظر الى الله» (خر ٢ : ٦) «وصورة الرب يعاين» (عد ١٢ : ٨) و «ولست تطيق النظر الى الأصر» (حب ١ : ١٣ وكذلك «حزى» يقع على رؤية العين حقيقة. مثل : «ولتنظر عيوننا الى صهيون» (ميخا ٤ : ٧) واستعير مجازا لادراك القلب. مثل : «التى رآها على يهوذا وأورشليم» (أش ١ : ١) «كان كلام الرب الى ابراهيم فى الرؤيا» (تك ١٥ : ١) وعلى هذه الاستعارة قيل : «فرأوا الله» (خر ٢٤ : ١١) فاعلم ذلك» ا. ه (ج ١ ص ٢٩ فصل د)
ثالثا : أما عن كلام الله تعالى ، فقد فصل فيه صاحب «دلالة الحائرين» القول فى فصل ٤٦ و ٦٥ أعنى فصل «مو» وفصل «سه» وقال : ان الله تعالى موجود وواحد. ومتكلم. ثم حكى اجماع علماء بنى اسرائيل على أن التوراة مخلوقة. قال : «ولا سيما باجماع أمتنا : أن التوراة مخلوقة والقصد بذلك : أن كلامه المنسوب إليه : مخلوق» والألفاظ المنسوبة إليه التى سمعها موسى. فان الله خلقها وابتدعها ، كما نسب إليه كل ما خلق وابتدع. ووصف الله بالكلام مثل وصفه بالأفعال كلها ، الشبيهة بأفعالنا. وكلام الله الى أنبيائه معناه : أن هناك علما إلهيا ، يدركه النبيون بأن الله كلمهم وقال لهم. حتى نعلم